كتاب الروض الباسم في الذب عن سنة أبي القاسم - صلى الله عليه وسلم - (اسم الجزء: 1)
لحذيفة, هل هو منافق؟ وقول حذيفة بعد تزكيته: لا أزكّي بعدك أحداً (¬1). ولم يخف/ عمر - رضي الله عنه - من النّفاق الذي هو الشّكّ في الإسلام, فإنّه يعلم براءة نفسه منه, بل نحن نعلم براءته - رضي الله عنه -[منه] (¬2) بما شهد له به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الفضائل الكثيرة, والمناقب الكبيرة, وإنّما خاف - رضي الله عنه - من صغائر النّفاق الذي هو: خلف الموعد, وخيانة الأمانة, والكذب في الحديث, فإنّ المؤمن الورع قد يدخل عليه من صغائر بعض هذه الخصال ما يدقّ ولا يتفطّن له, وربما كان الغير (¬3) أبصر بعيب الإنسان منه.
وربّما قصد عمر تنبيه ضعفاء المسلمين على تفقّد أنفسهم, وجعل لهم بنفسه الكريمة أسوة حسنة حيث أتّهمها على أمر عظيم. وقد كان عمر - رضي الله عنه - إماماً في التّقوى والمراقبة, شديد المناقشة لنفسه والمحاسبة, وقد قال لبعض الصحابة: كيف وجدتموني؟ [قالوا] (¬4):صالحاً, ولو زغت لقوّمناك. فقال: الحمد لله الذي جعلني في قوم إذا زغت قوّموني (¬5) أو كما قالا.
¬_________
(¬1) أخرجه الفسوي في ((تاريخه)): (2/ 769) , وضعّفه, وردّ ذلك عليه الذهبي في ((الميزان)): (2/ 297) , وانظر: ((كنز العمال)): (13/ 344) , ((السير)): (2/ 364).
(¬2) من (ي) و (س).
(¬3) في ((الأصل)): ((هذا الغير))!. والمثبت من (ي) و (س).
(¬4) في (أ): ((قال)) , والمثبت من (ي) و (س).
(¬5) بنحوه في ((الرياض النّضرة في مناقب العشرة)): (1/ 325) للمحبّ الطبري.