كتاب تبسيط العقائد الإسلامية

العجيب, ففيه يتم تحليل كل من هذه الأنواع والأصناف إلى عناصره الكيميائية الأولى, ويعود تكوين الباقي بعد الفضلات إلى مواد صالحة لغذاء مختلف الخلايا, بحيث تكون جميع المواد الحيوية الضرورية للحياة موجودة في مقادير منتظمة, ومستعدة لمواجهة كل ضرورة, ثم تقدم باستمرار إلى كل خلية من خلايا الجسم التي تزيد في عددها على عدد الجنس البشري كله.
ويجب أن يكون التوريد إلى كل خلية فردية مستمرا, وألا يورد سوى تلك المواد التي تحتاج إليها تلك الخلية المعينة, وذلك لتحويلها إلى عظام وأظفار ولحم وشعر وعينين وأسنان وما إلى ذلك كله من أجزاء الجسم صغيرها وكبيرها.
ها هنا إذن معمل كيمائي ينتج من المواد أكثر مما ينتجه أي معمل ابتكره ذكاء الإنسان, وها هنا نظام للتوريد أعظم من أي نظام للنقل أو التوزيع عرفه العالم, ويتم كل شيئ فيه بمنتهى النظام, فإذا كانت تلك المعجزات تتم في نظام كامل, والنظام يضاد المصادفة إطلاقا كان هذا بلا شك من صنع خالق مبدع حكيم.
وهذه عدسة العين التي بها الإبصار تلقي صورة على الشبكية فتنتظم العضلات بطريقة آلية إلى بؤرة ومحكمة. والشبكية طبقات عشر منفصلة, وهي في مجموعها ليست أكبر سمكا من ورقة دقيقة, والطبقة في أقصى الداخل تتكون من أعواد ومخروطات تبلغ الملايين عدا, وكل هذه الأعداد للعين وما تشتمل عليه, وكل هذه التنظيمات لها ولأجزائها حصل في وقت واحد وكان لا بد منه, وإلا كان الإبصار مستحيلا. فهل وجد ذلك كله مصادفة, أو صنعة بشر؟ كلا, بل هو الله وحده الذي لا يعجزه عليه شيء.
ثم هذا العالم بأرضه ومائه وجد في مكانه الصحيح, فلو كان المحيط أعمق بضعة آلاف من الأقدام عما هو حاصل لما كان لدينا أوكسجين ولا نباتات.

الصفحة 49