كتاب تبسيط العقائد الإسلامية

واحد بدون حدوث أي تغيير يذكر، فالنظر لهذا الترتيب يدل على وجود حكمة سيطرت عليه، .. ثم إنه لا يوجد سبب طبيعي استطاع أن يعطي هذه الكواكب وتوابعها هذه الدرجات من السرعة المتناسبة تناسبا دقيقا مع مسافتها بالنسبة للشمس ولمراكز الحركة. تلك الدرجات الضرورية لأن تتحرك هذه الأجرام على مدارات ذات مركز واحد مشترك بين جميعها، فلأجل تكوين هذا النظام بين جميع حركاته يجب وجود سبب عرف هذه المواد وقارن بين كميات المادة الموجودة في الأجرام السماوية المختلفة، وأدرك ما يجب أن يصدر منها من القوة الجاذبة، وقدر المسافات المختلفة بين الكواكب والشمس وبين توابعها وسارتون، وجوبيتر، والأرض، وقرر الساعة التي يمكن أن تدور بها هذه الكواكب وتوابعها حول أجسام تصلح أن تكون مراكزها.
إذن فمقارنة هذه الأشياء والتوفيق بينها وجعلها نظاما يشمل كل هذه الاختلافات بين أجزائه. كل هذا يشهد بوجوب وجود"سبب" لا أعمى ولا حادث بالاتفاق، ولكن على علم راسخ بعلم الميكانيكا والهندسة. ثم قال:
ليس هذا كل ما في المسألة، فإن الله ضروري أيضا سواء لإدارة هذه الأجرام على بعضها، وهو الأمر الذي لا يمكن أن ينتج من مجرد قوة الجاذبية. أو لتحديد وجهة هذه الدورات لتتفق مع دورات الكواكب، كما يرى ذلك في الشمس والكواكب وتوابعها، بينما ذوات الأذناب تدور في كل جهة على السواء ... ثم قال:
وغير هذا: ففي تكون الأجرام السماوية كيف أن الذرات المبعثرة استطاعت أن تنقسم إلى قسمين: القسم المضيء منها انحاز إلى جهة لتكوين الأجرام المضيئة بذاتها كالشمس والنجوم، والقسم المعتم يجتمع في جهة أخرى لتكوين الأجرام المعتمة كالكواكب وتوابعها. كل هذا لا يعقل حصوله إلا بفضل عقل لا حد له، ثم قال:
كيف تكونت أجسام الحيوانات بهذه الصناعة البديعة، ولأي المقاصد

الصفحة 69