كتاب السبحة تاريخها وحكمها

أن الإِمام سحنوناً - رحمه الله - دخل عليه بعضهم فرأى في عنقه سبحة, وقد يُقاس جعلها في العنق على جعل الخاتم في اليد؛ لأَنهم ذكروا من علل جعله في اليد حفظه لأَنه اتخذه أولاً - صلى الله عليه وسلم - للطبع وكان يحفظه, ويدل له ما سمعت من شيخنا مولاي عبد الواحد رضي الله عنه قال: العنق هو مسمار السبحة, ولا يقال: يكفي في حفظها أن تكون في الجيب مثلاً؛ لورود مثله في الخاتم أيضاً ولم يرد إلا جعله في اليد لحكمة أخرى وهي أن اليد مظهر الحكم ومحل الاقتدار؛ لتقع المناسبة بين الحامل والمحمول, فافهم.
وكذلك السبحة جعلت حفظاً في العنق دون غيره؛ لأَن العنق هو محل التقليد, فيكون لابسها قد تقلدها حساً كما تقلدها معنى مناسبة, ولأَن السبحة آلة الذكر فلها بذلك قدر عظيم, والعنق هو أعظم ما في الجسد وأعلى ما فيه مما يمكن حفظه فجعل العظيم للعظيم مناسبة, ولأَن حبل الوريد الذي ضرب الله به المثل في قوله: {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ

الصفحة 88