كتاب شيخ الإسلام ابن تيمية لم يكن ناصبيا

وإنما أحب موصوفاً بصفات لا وجود لها، فكانت محبته باطلة، فلم يكن مع موسى المبشر بعيسى المسيح ومحمد.
وقد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " المرء مع من أحب " واليهودي لم يحب إلا ما لا وجود له في الخارج، فلا يكون مع موسى المبشر بعيسى ومحمد صلى الله عليه وسلم فإنه لم يحب موسى هذا، والحب والإرادة ونحو ذلك يتبع العلم والاعتقاد، فهو فرع الشعور، فمن اعتقد باطلاً فأحبه، كان محباً لذلك الباطل، وكانت محبته باطلة فلم تنفعه، وهكذا من اعتقد في بشر الإلهية فأحبه لذلك، كمن اعتقد إلهية فرعون ونحوه، أو أئمة الإسماعيلية، أو اعتقد الإلهية في بعض الشيوخ، أو بعض أهل البيت، أو في بعض الأنبياء أو الملائكة، كالنصارى ونحوهم، ومن عرف الحق فأحبه، كان حبه لذلك الحق فكانت محبته من الحق فنفعته.
قال الله تعالى: (الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله أضل أعملهم (1) والذين ءامنوا وعملوا الصالحات وءامنوا بما نزل على محمد وهو الحق من ربهم كفر عنهم سيئاتهم واصلح بالهم (2) ذلك بأن الذين كفروا اتبعوا البطل وأن الذين ءامنوا اتبعوا الحق من ربهم كذلك يضرب الله للناس أمثلهم (3) . وهكذا النصراني مع المسيح: إذا أحبه معتقداً أنه إله - وكان عبداً - كان قد أحب ما لا حقيقة له، فإذا تبين له أن المسيح عبد رسول لم يكن قد أحبه، فلا يكون معه.

الصفحة 107