كتاب شيخ الإسلام ابن تيمية لم يكن ناصبيا

وهكذا من أحب الصحابة والتابعين والصالحين معتقداً فيهم الباطل، كانت محبته لذلك الباطل باطلة. ومحبة الرافضة لعلي رضي الله عنه من هذا الباب، فإنهم يحبون ما لم يوجد، وهو الإمام المعصوم المنصوص على إمامته، الذي لا إمام بعد النبي صلى الله عليه وسلم إلا هو، الذي كان يعتقد أن أبا بكر وعمر رضي الله عنهما ظالمان معتديان أو كافران، فإذا تبين لهم يوم القيامة أن علياً لم يكن أفضل من واحد من هؤلاء، وإنما غايته أن يكون قريباً من أحدهم، وأنه كان مقرا بإمامتهم وفضلهم، ولم يكن معصوماً لا هو ولا هم، ولا كان منصوصاً على إمامته، تبين له أنهم لم كونوا يحبون علياً، بل هم من أعظم الناس بغضاً لعلي رضي الله عنه في الحقيقة، فإنهم يبغضون من اتصف بالصفات التي كانت في علي أكمل منها في غيره: من إثبات إمامة الثلاثة وتفضيلهم فإن علياً رضي الله عنه كان يفضلهم ويقر بإمامتهم. فتبين أنهم مبغضون لعلي قطعاً.
وبهذا يتبين الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه عن علي رضي الله عنه أنه قال: إنه لعهد النبي الأمي إلي أنه: " لا يحبني إلا مؤمن ولا يبغضني إلا منافق " إن كان محفوظاً ثابتاً عن النبي صلى الله عليه وسلم فإن الرافضة لا تحبه على ما هو عليه، بل محبتهم من جنس محبة اليهود لموسى والنصارى لعيسى، بل الرافضة تبغض نعوت علي وصفاته، كما تبغض اليهود والنصارى نعوت موسى وعيسى، فإنهم يبغضون من أقر نبوة محمد صلى الله عليه وسلم، وكانا مقرين بها صلى الله

الصفحة 108