كتاب شيخ الإسلام ابن تيمية لم يكن ناصبيا

علياً كان مجتهداً فيما فعل، وأنه أولى بالحق من طلحة والزبير.
قيل: نعم، وطلحة والزبير كان مجتهدين، وعلي - وإن كان أفضل منهما - لكن لم يبلغ فعلهما بعائشة رضي الله عنها ما بلغ فعل علي، فعلي أعظم قدراً منهما، ولكن إن كان فعل طلحة والزبير معها ذنباً، ففعل علي أعظم ذنباً، فتقاوم كبر القدر وعظم الذنب.
فإن قالوا: هما أحوجا علياً إلى ذلك، لأنهما أتيا بها، فما فعله علي مضاف إليهما لا إلى علي.
قيل: هكذا معاوية لما قيل له: قد قتل عمار، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم " تقتلك الفئة الباغية " قال: أو نحن قتلناه؟ إنما قتله الذين جاءوا به حتى جعلوه تحت سيوفنا. فإن كانت هذه الحجة مردودة، فحجة من احتج بأن طلحة ووالزبير هما فعلا بعائشة ما جرى عليها من إهانة عسكر علي لها، واستيلائهم عليها - مردودة أيضاً. وإن قبلت هذه الحجة قبلت حجة معاوية رضي الله عنه.
والرافضة وأمثالهم من أهل الجهل والظلم يحتجون بالحجة التي تستلزم فساد قولهم وتناقضهم، فإنه إن احتج بنظيرها عليهم فسد قولهم المنقوض بنظيرها، وإن لم يحتج بنظيرها بطلت هي في نفسها، لأنه لا بد من التسوية بين المتماثلين، ولكن منتهاهم مجرد الهوى الذي لا علم معه، ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله، أن الله لا يهدي القوم الظالمين.

الصفحة 115