كتاب شيخ الإسلام ابن تيمية لم يكن ناصبيا

ويعطون كل ذي حق حقه) .

الموضع التاسع: قال شيخ الإسلام:
(قالوا ومعاوية أيضاً كان خيراً من كثير ممن استنابه علي، فلم يكن يستحق أن يعزل ويولى من هو دونه في السياسة، فإن علياً استناب زياد بن أبيه، وقد أشاروا على علي بتولية معاوية. قالوا: يا أمير المؤمنين توليه شهراً واعزله دهراً. ولا ريب أن هذا كان هو المصلحة، إما لا ستحقاقه وإما لتأليفه واستعطافه، فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أفضل من علي، وولى أبا سفيان، ومعاوية خير منه، فولى من هو خير من علي من هو دون معاوية.
فإذا قيل: إن علياً كان مجتهداً في ذلك.
قيل: وعثمان كان مجتهداً فيما فعل. وأين الاجتهاد في تخصيص بعض الناس بولاية أو إمارة أو مال، من الاجتهاد في سفك المسلمين بعضهم دماء بعض، حتى ذل المؤمنين وعجزوا عن مقاومة الكفار، حتى طمعوا فيهم وفي الاستيلاء عليهم؟ ولا ريب أنه لو لم يكن قتال، بل كان معاوية مقيماً على سياسة رعيته، وعلي مقيماً على سياسة رعيته، لم يكن في ذلك من الشر أعظم مما حصل بالاقتتال، فإنه بالاقتتال لم تزل هذه الفرقة ولم يجتمعوا على إمام، بل سفكت الدماء، وقويت العداوة والبغضاء، وضعفت الطائفة التي كانت أقرب إلى الحق، وهي طائفة علي،

الصفحة 117