كتاب شيخ الإسلام ابن تيمية لم يكن ناصبيا

وصاروا يطلبون من الطائفة الأخرى من المسالمة ما كانت تطلبه ابتداء.
ومعلوم أن الفعل الذي تكون مصلحته راجحة على مفسدته، يحصل به من الخير أعظم مما يحصل بعدمه، وهنا لم يحصل بالاقتتال مصلحة، بل كان ألامر مع عدم القتال خيراً وأصلح منه بعد التقال، وكان علي وعسكره أكثر وأقوى، ومعاوية وأصحابه أقرب إلى موافقته ومسالمته ومصالحته، فإذا كان مثل هذا الاجتهاد مغفوراً لصاحبه، فاجتهاد عثمان أن يكون مغفوراً أولى وأحرى.
وأما معاوية وأعوانه فيقولون: إنما قاتلنا علياً قتال دفع عن أنفسنا وبلادنا، فإنه بدأنا بالقتال فدفعناه بالقتال ولم نبتدئه بذلك ولا اعتدينا عليه. فإذا قيل لهم: هو الإمام الذي كانت تجب طاعته عليكم ومبايعته وأن لا تشقوا عصا المسلمين. قالوا ما نعلم أنه إمام تجب طاعته، لأن ذلك عند الشيعة إنما يعلم بالنص، ولم يبلغنا عن النبي صلى الله عليه وسلم نص بإمامته ووجوب طاعته. ولا ريب أن عذرهم في هذا ظاهر، فإنه لو قدر أن النص الجلي الذي تدعيه الإمامية حق، فإن هذا قد كتم وأخفى في زمن أبي بكر وأصحابه مثل ذلك لو كان حقا، فكيف إذا كان باطلاً؟)

الصفحة 118