كتاب شيخ الإسلام ابن تيمية لم يكن ناصبيا

لأن شروط الاستيفاء لم توجد: إما لعدم العلم بأعيان القتلة، وإما لعجزه عن القوم لكونهم ذوي شوكة، ونحو ذلك.
قيل: فشروط الاستيفاء لم توجد في قتل قاتل مالك بن نويرة، وقتل قاتل الهرمزان، لوجود الشبهة في ذلك، والحدود تدرأ بالشبهات.
وإذا قالوا: عمر أشار على أبي بكر بقتل خالد بن الوليد، وعلي أشار على عثمان بقتل عبيد الله بن عمر.
قيل: وطلحة والزبيروغيرهما أشاروا على علي بقتل قتلة عثمان، مع أن الذين أشاروا على أبي بكر بالقود، أقام عليهم حجة سلموا لها: إما لظهور الحق معه، وإما لكون ذلك مما يسوغ فيه الاجتهاد.
وعلي لما لم يوافق الذين أشاروا عليه بالقود، جرى بينه وبينهم من الحروب ما قد علم، وقتل قتلة عثمان أهون مما جرى بالجمل وصفين فإذا كان في هذا اجتهاد سائغ، ففي ذلك أولى.
وإن قالوا: عثمان كان مباح الدم.
قيل لهم: فلا يشك أحد في أن إباحة دم مالك بن نويرة أظهر من إباحة دم عثمان، بل مالك بن نويرة لا يعرف أنه كان معصوم الدم، ولم يثبت ذلك عندنا. وأما عثمان فقد ثبت بالتواتر ونصوص الكتاب والسنة أنه كان معصوم الدم. وبين عثمان ومالك بن نويرة من الفرق ما لا يحصى عدده إلا الله تعالى.

الصفحة 136