كتاب شيخ الإسلام ابن تيمية لم يكن ناصبيا

الموضع الثامن والثلاثون: قال شيخ الإسلام:
عن تسلسل الخلافة بين الخلفاء الراشدين: (ثم إن المسلمين بايعوه ودخلوا في طاعته، والذين بايعوه هم الذين بايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت الشجرة، وهم السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار، والذين اتبعوهم بإحسان، رضي الله عنهم ورضوا عنه، وهم أهل الإيمان والهجرة والجهاد، ولم يختلف عن بيعته إلا سعد بن عبادة.
وأما علي وسائر بني هاشم فلا خلاف بين الناس أنهم بايعوه، لكن تخلف فإنه كان يريد الإمرة لنفسه، رضي الله عنهم أجمعين. ثم إنه في مدة ولايته قاتل بهم المرتدين والمشركين، ولم يقاتل المسلمين، بل أعاد الأمر إلى ما كان عليه قبل الردة، وأخذ يزيد الإسلام فتوحاً، وشرع في قتال فارس والروم، ومات والمسلمون محاصرو دمشق، وخرج منها أزهد مما دخل فيها: لم يستأثر عنهم بشيء، ولا أمر له قرابة.
ثم ولي عليهم عمر بن الخطاب، ففتح الأمصار، وقهر الكفار، وأعز أهل الإيمان، وأذل أهل النفاق والعدوان، ونشر الإسلام والدين، وبسط العدل في العالمين، ووضع ديوان الخراج والعطاء لأهل الدين، ومصر الأمصار للمسلمين، وخرج منها أزهد مما دخل فيها: لم يتلوث لهم بمال، ولا ولى أحداً من أقاربه ولاية، فهذا أمر يعرفه كل أحد.

الصفحة 162