كتاب شيخ الإسلام ابن تيمية لم يكن ناصبيا

وإن جاز أن يظن بأبي بكر أنه كان قاصداً للرئاسة بالباطل، مع أنه لم يعرف منه إلا ضد ذلك، فالظن بمن قاتل على الولاية - ولم يحصل له مقصوده - أولى وأحرى.
فإذا ضرب مثل هذا وهذا بإمامي مسجد، وشيخي مكان، أو مدرسي مدرسة - كانت العقول كلها تقول: إن هذا أبعد عن طلب الرئاسة، وأقرب إلى قصد الدين والخير.
فإذا كنا نظن بعلي أنه كان قاصداً للحق والدين، وغير مريد علوا في الأرض ولا فساداً، فظن ذلك بأبي بكر وعمر - رضي الله عنهما - أولى وأحرى.
وإن ظن ظان بأبي بكر أنه كان يريد العلو في الأرض والفساد، فهذا الظن بعلي أجدر وأولى.
أما أن يقال: أن أبا بكر كان يريد العلو في الأرض والفساد، وعلي لم يكن يريد علوا في الأرض ولا فساداً، مع ظهور السيرتين - فهذا مكابرة، وليس فيما تواتر من السيرتين ما يدل على ذلك، بل المتواتر من السيرتين يدل على أن سيرة أبي بكر أفضل.
ولهذا كان الذين ادعوا هذا لعلي أحالوا على ما لم يعرف، وقالوا: ثم نص على خلافته كتم، وثم عداوة باطنة لم تظهر، بسببها منع حقه.
ونحن الآن مقصودنا أن نذكر ما علم وتيقن وتواتر عند

الصفحة 165