كتاب شيخ الإسلام ابن تيمية لم يكن ناصبيا

مثله لعلي، وله من الذهاب إلى مكة يوم صلح الحديبية ما لم يحصل مثله لعلي، وإنما بايع النبي صلى الله عليه وسلم بيعة الرضوان لما بلغه أن المشركين قتلوا عثمان، وبايع بإحدى يديه عن عثمان، وهذا من أعظم الفضل، حيث بايع عنه النبي صلى الله عليه وسلم.
وأما الزهد والورع في الرياسة والمال، فلا ريب أن عثمان تولى ثنتي عشرة سنة، ثم قصد الخارجون عليه قتله، وحصروه وهو خليفة الأرض، والمسلمون كلهم رعيته، وهو مع هذا لم يقتل مسلماً، ولا دفع عن نفسه بقتال، بل صبر حتى قتل.
لكنه في الأموال كان يعطي لأقاربه من العطاء ما لا يعطيه لغيرهم، وحصل منه نوع توسع في الأموال، وهو رضي الله عنه ما فعله إلا متأولاً فيه، له اجتهاد وافقه عليه جماعة من الفقهاء، منهم من يقول: إن ما أعطاه الله للنبي من الخمس والفيء هو لمن يتولى الأمر بعده، كما هو قول أبي ثور وغيره، ومنهم من يقول: ذوو القربى المذكورون في القرآن هم ذوو قربى الإمام. ومنهم من يقول: الإمام العامل على الصدقات يأخذ منها مع الغنى. وهذه كانت مأخذ عثمان رضي الله عنه، كما هو منقول عنه. فما فعله هو نوع تأويل يراه طائفة من العلماء.
وعلي رضي الله عنه لم يخص أحداً من أقاربه بعطاء، ولكن ابتداء بالقتال لمن لم يكن مبتدئاً له بالقتال، حتى قتل بينهم ألوف مؤلفة من المسلمين، وإن كان ما فعله هو متأول فيه تأويلات وافقه عليه طائفة من العلماء. وقالوا: أن هؤلاء بغاة، والله تعالى أمر

الصفحة 173