كتاب الانتصار في الرد على المعتزلة القدرية الأشرار (اسم الجزء: 1)
تقدر على ذلك، وقال: اللهم إنك رب عظيم لو شئت أن تطاع لأطعت ولو شئت أن لا تعصي لما عصيت وأنت تحب أن تطاع وأنت في ذلك تعصى فكيف هذا يارب"؟ فأوحى الله إليه أني لا أسأل عما أفعل وهم يسألون، ونهاه الله عزوجل عن الكلام بذلك فأبت نفسه فمحى الله اسمه من النبوة1.
فهذا الوجه من الكلام هو المنهي عنه، فأما القول بأن الأشياء كلها بإرادة الله وخلقه وأن أحداً لا يمنعه عن إرادته وما أشبهه من الكلام فليس ينهى عنه وقد تكلم آدم وموسى في القدر بمثل ذلك2 وتكلم به جبريل وميكال3
__________
1 أخرجه بهذا اللفظ الطبراني في المعجم الكبير 10/316 من حديث ابن عباس وفي إسناده مصعب بن سوار ولم أقف على من ذكره، وفيه أبو يحيى القتات قال عنه ابن حجر: لين الحديث. التقريب ص 432. وقد أخرج نحوه اللالكائي في السنة 4/728، والآجري في الشريعة ص 236 عن نوف البكالي ابن امرأة كعب الأحبار. وكذلك روى الآجري نحوه مختصراً عن سفيان الثوري عن داود بن أبي هند. قال ابن كثير في البداية والنهاية 2/50: أما ماروى ابن عساكر وغيره عن ابن عباس ونوف البكالي وسفيان الثوري وغيرهم من أن عزيراً سأل عن القدر فمحي اسمه من ذكر الأنبياء، فهو منكر وفي صحته نظر وكأنه مأخوذ من الإسرائيليات.
2 لعله يقصد حديث محاجة آدم وموسى عليهما السلام، وسيأتي ذكره.
3 لعل المصنف يشير إلى ما رواه ابن الجوزي في الموضوعات من حديث جابر قال: "بينما رسول الله - صلى الله عليه وسلم- جالس في ملأ من أصحابه إذ دخل أبو بكر وعمر، ثم ذكر أنهما اختلفا في القدر، فقال أبو بكر: يقدر الله الخير ولا يقدر الشر، وقال عمر: يقدرهما الله جميعاً فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: لأقضي بينكما فيه بقضاء إسرافيل بين جبريل وميكائيل فقال بعض القوم: وقد تكلم فيه جبريل وميكائيل؟ فقال: والذي بعثني بالحق إنهما لأول الخلق تكلم فيه فقال جبريل مقالة عمر وقال ميكائيل مقالة أبي بكر ثم قالوا: يا رسول الله وما كان من قضائه؟ قال: أوجب القدر خيره وشره وضره ونفعه وحلوه ومره، ثم قال: يا أبا بكر لو لم يشأ أن يعصى ما خلق إبليس…" قال ابن الجوزي في الحديث: "إنه موضوع والمتهم به يحيى أبو زكريا. قال عنه يحيى بن معين: هو دجال هذه الأمة"، الموضوعات 1/273. وقال الذهبي عنه أيضا: "إنه موضوع". انظر: الميزان 374.