كتاب الانتصار في الرد على المعتزلة القدرية الأشرار (اسم الجزء: 1)

وعبد مناف، فأنزل الله {إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ} الآية1 يقول: إنك لا تؤيد ولا توفق إلى الإسلام، خصت أبا طالب وعمت، ولكن الله يوفق ويؤيد إلى الإسلام من يشاء، خصت2 العباس3 وعمت غيره {وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} من قدر له الهدى، ولا يجوز أن يراد بهدى النبي - صلى الله عليه وسلم- هاهنا الدعوة ولا الدلالة، لأنه قد دعى الجميع وبين الله للجميع، ولا يجوز أن يراد بهداية النبي - صلى الله عليه وسلم- هاهنا ثواب الجنة الذي قال المخالف؛ لأن أحداً من أهل اللغة والتفسير لم يذكر أن الهدى يراد به4 الثواب وإنما ذلك تعسف في التأويل.
وأما قول الله تعالى: {سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ} 5 فقيل سيهديهم للعمل الصالح في الدنيا وصلح بالهم في الدنيا6، وأما استدلاله على7 ذلك بقوله تعالى: {وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّه} ، فقد قرئ (قَاتَلوا في سبيل الله) فإن تعلقت8 بقراءة (قُتُلوا) تعلقنا بقراءة (قَاتَلوا) 9.
__________
1 لم أجد من ذكر هذه القصة على نحو ما ذكر المصنف هنا، وأصلها في الصحيحين فقد أخرج قصة وفاة أبي طالب وعرض النبي - صلى الله عليه وسلم- عليه الإسلام، البخاري كتاب فضائل الصحابة، (ب. قصة أبي طالب) 5/44، م. كتاب الإيمان، (ب. الدليل على صحة إسلام من حضره الموت..) 1/54 من حديث سعيد بن المسيب عن أبيه رضي الله عنه.
2 في - ح- (وخصت) .
3 ذكر السيوطي في الدر المنثور أن ابن أبي حاتم أخرج عن قتادة {إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ} يعني أبا طالب {وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} قال: العباس. الدر المنثور 6/429.
4 في - ح- (يريد) .
5 سورة محمد صلى الله عليه وسلم آية (5) .
6 هذا ما رجحه ابن جرير في تفسيره ورجح أيضاً قراءة من قرأ (قَاتلَوا) تفسير ابن جرير 26/44.
7 في - ح- (عن) .
8 في - ح- (تعلق) .
9 قرأ (قتلوا) يقرأ بها عامة قراء الحجاز والكوفة وهي التي رجح ابن جرير. انظر: تفسير ابن جرير 26/43.

الصفحة 289