كتاب الانتصار في الرد على المعتزلة القدرية الأشرار (اسم الجزء: 2)

53- فصل
استدل المخالف على مذهبه بقوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً} 1.
قال: ولا شك أن ضلالهم شر وقد أراده2، فأي لوم على من أضاف إلى الشيطان ما أضاف الله إليه من الشر.
والجواب: أنا لا ننكر أن الشيطان يريد الشر ولا يريد الخير، وإنما الخلاف بيننا أن الله أراد كل كائن من الخلق من خير وشر، فنقول: إن الله أراد الشيطان وخلقه وأراد إرادته وخلقها فيه، وأراد إغواء3 إبليس فأغواه، ولهذا قال إبليس: {رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لأزَيِّنَنَّ لَهُمْ} 4 فنسب الإغواء إلى الله، وليست الآية حجة له أن الله لم يرد إرادته، بل قد دل على ذلك بآية أخرى وهي قوله: {وَمَا تَشَاءُونَ إِلاّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} 5.
__________
1 النساء آية (60) .
2 المراد بهذا الشيطان.
3 في الأصل (غوى) وما أثبت من - ح- وهو الأصوب.
4 الحجر آية (39) وفي - ح- كتبت (لأزينن لهم في الأرض) .
5 الإنسان آية (30) .

الصفحة 327