كتاب الانتصار في الرد على المعتزلة القدرية الأشرار (اسم الجزء: 2)

الَّذِينَ كَفَرُوا} 1 وقال تعالى في آية أخرى: {إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ} 2.
فجعل أجسامهم شراً وإبليس منهم، فإن الله سبحانه أمر نبيه أن يستعيذ منه فقال: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيم} 3.
وأما قول المخالف لقول الله تعالى: {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالإنْس} 4 فهل عصاه أحد من الخلق بمثل5 معصية إبليس له فلم يخلقه إلا للنار وللمعصية التي فعلها6.
وأما قول المخالف: إن إبليس خلق فعل نفسه ولم يخلقه الله فقول إبليس أقوم7 من قول هذا المخالف القدري لأن الله أخبر عنه أنه قال: {رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي} 8 وقال: {فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي} 9 ولو ينكر الله عليه ذلك، بل قول إبليس بهذا موافق لقول نوح عليه السلام فيما أخبر عنه بقوله: {وَلا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُم} 1 00 فما أحد من الخلق نفى عن الله الخلق والتدبير في شيء من ملكه11 وسلطانه إلا القدرية ولهذا نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن مجالستهم وحذر منهم12.
__________
1 الأنفال آية (15) .
2 الأنفال آية (22) .
3 النحل آية (98) .
4 الأعراف آية (179) .
5 في - ح- (من الجن بأعظم من معصية) .
6 قو المصنف: "وأما قول المخالف.. إلخ" كلام مقحم فلم يتقدم من كلام المخالف وسيورد المصنف كلام المخالف في الآية المذكورة ويرد عليه بتفصيل. انظر: ص428.
7 في النسختين (استقام) وهي غير مستقيمة ولعل صوابها (أقوم) كما أثبت.
8 الحجر آية (39) .
9 الأعراف آية (16) .
10 هود آية (34) .
11 في - ح- (مما في ملكه) .
12 تقدمت الإشارة إلى ذلك ص 146.

الصفحة 339