كتاب الانتصار في الرد على المعتزلة القدرية الأشرار (اسم الجزء: 2)
لهم، ويستوي المسلم والكافر في هذه التسمية كما استويا في اسم السيما وهي العلامة على ما مضى وهذا لا يقبله عاقل1.
وأما استدلال المخالف على تأويل هذا بقوله: طبع الدينار والدرهم إذا جعل عليه علامة فلا يسلم له،2 بل يقال: طبع الدينار والدرهم إذا ختم عليه بالطبع المنقوش عليه ويسمى الطابع والخاتم، والطبع والختم معنى واحد، وهو: التغطية على الشيء والاستيثاق منه حتى لا يدخله شيء، ومنه يسمى ختام الكتاب: خاتمة لتغطية ما في باطنه وصيانته عن نظر الناظرين إلى باطنه3.
والدليل على أن الطابع يستعمل في معنى الختم، ما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من توضأ فقال سبحانك اللهم وبحمدك اشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليكن كتب في رق ثم طبع عليه بطابع فلا يكسر إلى يوم القيامة"4.
ومعناه: ختم على الكتاب بطابع.
والطبع في اللغة: الوسخ والدنس يغشيان السيف ثم يستعمل فيما يشبه5 الوسخ من الآثام والأوزار6 ومنه الحديث
__________
1 قول المخالف إن الختم علامة تظهر للملائكة يعرفون بها العصاة وكذلك المكلفين قول لا بد له من دليل يثبت به ذلك وإلا فيكون من باب الخرص والتخمين في الآية فإن هذا لا يعلم إلا من ناحية الوحي.
2 في الأصل (لهم) وهي في - ح- كما أثبتها وهو الأصوب لأن الخطاب للمخالف.
3 بين ذلك ابن منظور في لسان العرب مادة ختم 2/11101 ومادة طبع 4/2635.
4 أخرجه الحاكم عن أبي سعيد الخدري مرفوعا وموقوفا وقال عن المرفوع: "حديث صحيح على شرط مسلم" ووافقه الذهبي، وقال عن الموقوف: "صحيح الإسناد" ووافقه الذهبي. انظر: المستدرك 1/564، 4/511، كما عزا الحديث الهيثمي في مجمع الزوائد إلى الطبراني في الأوسط، وقال: "رجاله رجال الصحيحين" مجمع الزوائد 1/239، وصحح إسناد الطبراني أيضا المنذري في الترغيب والترهيب 1/172.
5 في - ح- (ما يسغه) .
6 الطبع بالفتح الطاء والباء، انظر: ما يؤيد كلام المصنف هنا في لسان العرب 4/2635.