كتاب الانتصار في الرد على المعتزلة القدرية الأشرار (اسم الجزء: 2)
عن النبي صلى الله عليه وسلم: "استعيذوا1 بالله من طمع يهدي إلى طبع"2. أي إلى دنس.
وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: "كل الخلال يطبع عليها المؤمن إلا الخيانة والكذب" 3 أي يخلق عليها، ويدل على أن الختم هو التغطية والسد على الشيء قوله تعالى: {الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ} 4 أي تغطي أفواههم ويسد عليها، ولو كان الختم في اللغة هو العلامة لكانت العلامة على أفواههم هاهنا لا تمنعهم عن الكلام ويدل عليه قوله تعالى: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللَّهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصَارَكُمْ وَخَتَمَ عَلَى قُلُوبِكُمْ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِهِ} 5 أفترى يحسن استعمال العلامة على الختم على قلوبهم هاهنا.
وكذلك قوله تعالى: {فَإِنْ6 يَشَأِ اللَّهُ يَخْتِمْ عَلَى قَلْبِك} 7 أي يربط على قلبك فلا تدخله المشقة لأنه شق على النبي صلى الله عليه وسلم تكذيب قومه8 وهو قوله
__________
1 في الأصل (استعيذ) بدون الواو، وفي - ح- كما أثبت وهو كذلك في الأصول.
2 أخرجه حم 5/232-247، والحاكم في المستدرك 1/533، والطبراني في الكبير 20/93، والبزار انظر: كشف الأستار 4/64 كلهم من حديث معاذ بن جبل - رضي الله عنه - قال الحاكم: "هذا حديث مستقيم الإسناد ولم يخرجاه" ووافقه الذهبي، ورمز له بالصحة في الجامع الصغير. انظر: فيض القدير 1/492.
3 أخرجه حم 5/252، وابن أبي شيبة في الإيمان ص 27، وابن أبي عاصم في السنة 1/53 كلهم من حديث الأعمش قال: "حدث عن أبي أمامة - رضي الله عنه - وهو منقطع وله شواهد ضعيفة".
وقد روي موقوفا على سعد بن أبي وقاص رواه ابن أبي شيبة في الإيمان ص 27، وقال الألباني في تعليقه على الكتاب: "إسناده صحيح على شرط الشيخين".
4 يس آية (65) .
5 الأنعام آية (46) .
6 في كلا النسختين (ان) وهو خطأ.
7 الشورى آية (24) .
8 انظر هذا المعنى في: تفسير القرطبي 16/25 وذكر في الآية معان أخرى.