كتاب الانتصار في الرد على المعتزلة القدرية الأشرار (اسم الجزء: 2)
63- فصل
يقال للقدري: إذا قلتم عن الله سبحانه لم يخص أحداً بالهداية إلى الإيمان والمعرفة، فهل ساوى بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين أبي جهل وأبي لهب بهذه المنزلة؟ أو هل سوى بين موسى عليه السلام وفرعون بهذه المنزلة؟! فمن أصلهم الفاسد أن1 يقولوا: نعم سوى الله بينهم فيقال لهم قال الله: {وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ} 2 قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا بورك لي في يوم لا أزداد فيه علما"3، وقال الله تعالى: {وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ} 4، وهل درجة أفضل من المعرفة بالله، وهل فاضل الله بين الأنبياء بشيء أفضل من المفاضلة بينهم بالمعرفة به سبحانه، وعلى قدر درجاتهم بالمعرفة بالله في الدنيا تكون درجاتهم في الآخرة5 بالجنة، فكيف يتصور عاقل أن الله سوى بين أنبيائه وبين أعدائه في الهداية واللطف والتوفيق لمعرفته، ولو حلف حالف بطلاق نسائه ثلاثا ما سوى الله بين أنبيائه وبين أعدائه في اللطف
__________
(أن) ليست في - ح-.
2 الإسراء آية (55) .
3 أخرجه أبو نعيم في الحلية من حديث عائشة - رضي الله عنها - ولفظه: "إذا أتى علي يوم لا أزداد فيه علما يقربني إلى الله فلا بورك لي في طلوع شمس ذلك اليوم" قال أبو نعيم: "غريب من حديث الزهري تفرد به الحكم"، الحلية 8/188، وأخرجه الطبراني في الأوسط عن عائشة ذكر ذلك الهيثمي في مجمع الزوائد 1/136، وأخرجه ابن عدي من حديث عائشة أيضا إلا أنه قال فيه: "لم أزدد فيه خيرا…"، وقال ابن عدي: "هذا حديث لا يرويه عن الزهري غير الحكم"، وقال: "هذا حديث منكر المتن". الكامل 2/511 والحكم هو ابن عبد الله بن سعد الأيلي قال ابن حبان عنه: "يروي الموضوعات عن الأثبات"، وقال الإمام أحمد: "أحاديث الحكم بن عبد الله كلها موضوعة". المجروحين 1/248. انظر: الميزان 1/572.
4 الزخرف آية (32) ، وهذه الآية ليست في الأنبياء، وإنما هي عامة في تفضيل بعض الناس على بعض ورفعهم درجات، أما الآية الخاصة بالأنبياء فهي قوله تعالى: {تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ} البقرة آية (253) .
(في الآخرة) ليست في - ح-.