كتاب الانتصار في الرد على المعتزلة القدرية الأشرار (اسم الجزء: 2)
ويدل على صحة ما ذهبنا إليه قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشَاءُ وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُور} 1. ومعنى الآية أن الله يسمع الإيمان من يشاء من خلقه أن يفقههم ويفهمهم، وما أنت بمفقه2 الكفار الإيمان الذين هم بمنزلة من في القبور3، ومثل هذا قوله تعالى: {إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْراً لآسْمَعَهُمْ} 4 يعني لأعطاهم الإيمان5 {وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ} أي لو بين لهم كل ما يختلج في صدورهم {لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ} لما سبق عليهم في علم الله أنهم لا يؤمنون.
وأما قول المخالف: إنما ذكر ذلك على جهة التمثيل فإنما يحسن هذا في قوله تعالى: {وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُور} أي هم6 بمنزلة من في القبور، وأما قوله تعالى: {وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّة} في مواضع كثيرة من القرآن فلا يصح7؛
__________
1 فاطر آية (22) .
2 في الأصل (تفهم) وما أثبت من - ح-.
3 انظر: هذا المعنى من كلام الطبري في تفسيره 22/129.
4 الأنفال آية (22- 23) .
5 الذي ذكره المفسرون في هذه الآية هو: "أن الله لو علم في هؤلاء الموصوفين خيراً لأسمعهم مواعظ القرآن وعبره وحججه وآياته سماع تعقل وتفهم ينتفعون به". انظر: تفسير ابن جرير 9/213، تفسير القرطبي 7/388، فتح القدير 2/298.
(هم) ليست في - ح-.
7 أي فلا يصح اعتبار أن قوله: {وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّة} من باب التمثيل. انظر: كلام المخالف السابق ص 374.