كتاب الانتصار في الرد على المعتزلة القدرية الأشرار (اسم الجزء: 2)
67- فصل
ومن الأدلة المذكورة لنا قوله تعالى: {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلا تَذَكَّرُونَ} 1.
فأجاب المخالف عن هذه بنحو أجوبته فيما مضى على أن المراد بالإضلال العقاب في الدنيا والآخرة2 وبالختم العلامة على القلب3.
والجواب عن هذا: ما مضى على أن الإضلال لا يستعمل في موضع العقاب4، ولا يستعمل الختم في موضع العلامة على القلب لما تقدم ذكره5.
ويقال له: هذه الآية6 نزلت في النضر بن الحارث السهمي، كان من المستهزئين7 وكان يعبد الأوثان، فإذا رأى وثناً أحسن من الأول عبده وترك الأول8 فهذا معنى قوله تعالى: {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى
__________
1 الجاثية آية (23) .
2 انظر: ما تقدم ص 275.
3 انظر: ما تقدم ص 361.
4 انظر: ما تقدم ص 287.
5 انظر: ما تقدم ص 362.
(الآية) ليست في - ح-.
7 في - ح- (المشركين) .
8 ذكر هذا القرطبي في تفسيره 16/167 عن مقاتل إلا أنه سماه الحارث بن قيس السهمي، ولم أقف عليه بهذا الاسم والنضر بن الحارث الذي قتله النبي صلى الله عليه وسلم صبرا بعد غزوة بدر وأرسلت أخنه قتيلة بنت الحارث أبياتا إلى النبي صلى الله عليه وسلم في مقتل أخيها، وقد نسبه ابن هشام في السيرة إلى عبد الدار بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي أما السهميون من قريش فهم أبناء عمرو بن هصيص بن كعب بن لؤي. انظر: سيرة ابن هشام 2/7، الأنساب للسمعاني ص319، البداية والنهاية 3/336.