كتاب الانتصار في الرد على المعتزلة القدرية الأشرار (اسم الجزء: 2)
عِلْم} 1 أي أضله الله عن الدين على علم، أي على ما سبق في علمه قبل أن يخلقه أنه ضال.
وروي عن ابن عباس أنه قال: "علم قد علمه عنده"2، وقيل: "على علم أنه لا ينفعه ولا يضره) 3، {وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ} فلا يسمع4 الهدى، وعلى قلبه فلا يعقل الهدى {وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً} يعني5 الغطاء {فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ} إذا أضله، وهذا كقوله تعالى: {ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ} 6 وكقوله تعالى: {إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ} 7 ويدل على صحة هذا التأويل أنه أراد به إضلالهم عن الدين في الدنيا ما أخبر به عن قولهم بعد هذا8 فقال تعالى: {وَقَالُوا مَا هِيَ إِلاّ حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلاّ الدَّهْرُ…} 9 الآية، أي وما يميتنا إلا طول العمر واختلاف الليل والنهار ولا نبعث، فقال الله تعالى: {وَمَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ} 10 أنهم لا يبعثون11 {إِنْ هُمْ إِلاّ يَظُنُّونَ} أي ما يستيقنون12.
__________
1 في - ح- (على علم وختم) .
2 أخرجه ابن جرير 25/151، واللالكائي في السنة 3/566 نحوه.
3 ذكر هذا القول القرطبي في تفسيره ولم ينسبه إلى قائل معين. انظر: تفسير القرطبي 16/169.
4 في -ح- (أي طبع فلا يسمع) .
(يعني) ليست في -ح-.
6 الزمر آية (33) وفي كلا النسختين كتبت الآية هكذا (يهدي من يشاء من عباده) وهو خطأ.
7 آل عمران آية (160) .
8 أي بعد آية الجاثية {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذ…} الآية.
9 الجاثية آية (24) .
10 في كلا النسختين (وما لهم به من علم) وهو خطأ.
11 في الأصل (لا أنهم لا يبعثون) وفي - ح- (إلى يبعثون) ولا يستقيم الكلام إلا بحذف (لا) كما أثبت ويكون معناها: إن إنكارهم للبعث قالوه بغير علم.
12 انظر: تفسير القرطبي 16/170-172.