كتاب الانتصار في الرد على المعتزلة القدرية الأشرار (اسم الجزء: 2)
وقالت عائشة – رضي الله عنها -: " فعلته أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم فاغتسلنا "1، فأقرت الصحابة الأنصار على الاستدلال بدليل الخطاب2، واحتجوا عليهم بالنصر بالقول والفعل.
وكذلك العلماء احتجوا بأن المطلقة البائن الحائل3 لا نفقة لها على الزوج بقوله تعالى: {وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ} 4، وبأن شهادة غير الفاسق تقبل، واستدلوا عليه بقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا} 5 فدل على أنه إذا جاءهم من ليس بفاسق أن يقبل قوله6.
فإذا تقرر هذا الاستدلال ممن ذكرنا من الصحابة والعلماء فكفى لهذا
__________
1 أخرجه ت. كتاب الطهارة (ب. إذا التقى الختانان..) 1/181 من حديث عائشة - رضي الله عنها - وهو نحو تكملة الحديث السابق عنده. قال الترمذي: "حديث حسن صحيح"، وأخرج جه. كتاب الطهارة (ب. ما جاء في وجوب الغسل 1/199، وأخرج م. في كتاب الحيض (ب. نسخ الماء من الماء) 1/272 من حديث عائشة - رضي الله عنها - "أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرجل يجامع أهله ثم يكسل هل عليهما غسل وعائشة جالسة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إني لأفعل ذلك أنا وهذه ثم نغتسل".
2 قوله هنا "فأقرت الصحابة الأنصار.." يريد بهذا المهاجرين، لأن هذا القول ورد عن أكثرهم، أما الأنصار فهم من تقدم في التعليق ذكرهم. وقد ورد في صحيح مسلم، كتاب الطهارة 1/271 عن أبي موسى - رضي الله عنه - أنه قال: "اختلف في ذلك رهط من المهاجرين والأنصار، فقال الأنصاريون: لا يجب الغسل إلا من الدفق أو الماء، وقال المهاجرون: بل إذا خالط فقد وجب الغسل". الحديث، واستدلال الأنصار بمفهوم المخالفة من حديث "إنما الماء من الماء" واضح ظاهر.
3 الحائل: هي المرأة غير الحامل. انظر: لسان العرب 2/1057.
4 الطلاق آية (6) . وهذا استدلال من العلماء بمفهوم المخالفة، حيث نص هنا على أن النفقة للحامل، فغير الحامل لا نفقة لها. انظر: تفسير القرطبي 18/167، المغني لابن قدامة 7/518.
5 الحجرات آية (6) .
6 انظر: تفسير القرطبي 16/312 فقد ذكر ما يوافق هذا القول.