كتاب الانتصار في الرد على المعتزلة القدرية الأشرار (اسم الجزء: 2)

أجمل على آخرهم فلا يزاد فيهم ولا ينقص منهم أبداً"، ثم قال للذي في شماله: "هذا كتاب من رب العالمين فيه أسماء أهل النار وأسماء آبائهم وقبائلهم ثم أجمل على آخرهم فلا يزاد فيهم ولا ينقص أبداً"، فقال الصحابة: ففيم العمل يا رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان أمر قد فرغ منه؟، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "سددوا وقاربوا فإن صاحب الجنة يختم له بعمل أهل الجنة وإن عمل أي عمل، وإن صاحب النار يختم له بعمل أهل النار وإن عمل أي عمل، ثم قال: فرغ ربك من العباد فريق في الجنة وفريق في السعير"1.
وروى أنس – رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أراد الله بعبد خيراً استعمله، قيل وكيف يستعمله يا رسول الله؟ قال: يوفقه لعمل صالح قبل الموت"2. وفي هذا من الأخبار المذكورة ما يضيق هذا المختصر عن ذكرها.
وأما استدلال هذا المخالف بقوله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإنْسَ إِلاّ لِيَعْبُدُونِ} 3.
فالجواب عن هذا من وجوه:
إحداها: وهو المروي عن ابن عباس – رضي الله عنهما - أنه قال: معناها إلا ليقروا له بالعبودية طوعاً وكرهاً4 مضاهاة لقوله تعالى: {وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي
__________
1 أخرجه ت. كتاب القدر (ب. إن الله كتب كتاباً لأهل الجنة وأهل النار) 4/449، وقال: وفي الباب عن ابن عمر وهذا حديث حسن غريب صحيح، وأخرجه حم 2/167، والآجري في الشريعة ص 173، وابن أبي عاصم في السنة 1/154، وقال الألباني: "إسناده حسن". وهو مخرج في الأحاديث الصحيحة للألباني 2/528.
2 أخرجه ت. كتاب القدر (ب. ما جاء إن الله كتب كتابا لأهل الجنة) 4/450، وقال: حديث حسن صحيح، وأخرجه حم 3/106 - 120، والآجري في الشريعة ص 185، وابن أبي عاصم في السنة 1/175، وقال الألباني: إسناده صحيح على شرطهما.
3 الذاريات آية (56) .
4 أخرجه عنه ابن جرير ورجحه. انظر: تفسير ابن جرير 27/12.

الصفحة 435