كتاب الانتصار في الرد على المعتزلة القدرية الأشرار (اسم الجزء: 2)
ويدل على ما قلناه: أن الله وصف المشركين ثم قال: {كَلاّ إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ} 1، وهذا يبطل قول السالمية2.
ويدل على أن المؤمنين عن ربهم غير محجوبين، إذ لو كانوا عنه محجوبين لما كان لوصف المشركين بذلك معنى. قال الحسن البصري: "إذا كان يوم القيامة برز ربنا تبارك وتعالى فيراه الخلق ويحجب الكفار فلا يرونه، وهو قوله تعالى: {كَلاّ إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ} "3.
وقال رجل لمالك: يا أبا عبد الله هل يرى المؤمنون ربهم يوم القيامة؟ قال: "لو لم ير المؤمنون ربهم يوم القيامة لم يعبر الله الكفار بالحجاب فقال: {كَلاّ إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ} " 4 وكذلك روي عن الشافعي - رحمه الله -5.
يدل على ما قلناه ما روى علي بن أبي طالب وأنس بن مالك أنهما فسرا قوله تعالى: {وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ} 6، قالا: "يظهر الرب لهم يوم القيامة"7.
ويدل على ما قلناه قوله تعالى: {وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ} 8، وذلك أن موسى عليه السلام لما سمع كلام الله اشتاق
__________
1 المطففين آية (15) .
2 تقدم ذكر قولهم ص 636.
3 أخرجه اللالكائي في السنة 3/467.
4 أخرجه اللالكائي في السنة 3/468.
5 أخرجه عنه البيهقي فقد روي عن ابن هرم القرشي أنه قال: "سمعت الشافعي يقول في قول الله عزوجل: {كَلاّ إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ} ، قال: "لما حجبهم في السخط كان هذا دليلاً على أنهم يرونه في الرضا". الاعتقاد ص 53، وبمعناه روى اللالكائي عن المزني عنه. انظر: شرح اعتقاد أهل السنة 3/468.
6 ق آية (35) .
7 أخرجه اللالكائي عن علي وأنس بن مالك - رضي الله عنهما - تفسير قوله تعالى: {وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ} أنه النظر إلى وجه الله عزوجل، واللفظ المذكور أخرجه اللالكائي عن أنس - رضي الله عنه -.
شرح اعتقاد أهل السنة للالكائي 3/469.
8 الأعراف آية (143) .