كتاب المتواري على أبواب البخاري

الصَّوَاب، وَأَن تكلّف الْجَواب عَمَّا لم يَقع تصنع أَو فِي مَعْنَاهُ، يتحرج الْخَائِف من الله من أدناه. ودعوة الْمُضْطَر لَهَا خُصُوصِيَّة بالإجابة، وَحَالَة الِاخْتِيَار تستغرب مَعهَا أَوْصَاف الْإِنَابَة.
فَهَذَا - وَالله أعلم - سر كَون البخارى - رَحمَه الله - سَاق الْفِقْه فِي التراجم سِيَاقَة المخلص للسنن الْمَحْضَة عَن المزاحم المستثير لفوائد الْأَحَادِيث من مكامنها، المستبين من إشارات ظواهرها مغازي بواطنها. فَجمع كِتَابه العلمين والخيرين الجمين. فحاز كِتَابه من السّنة جلالتها وَمن الْمسَائِل الْفِقْهِيَّة سلالتها. وَهَذَا عوض ساعده عَلَيْهِ التَّوْفِيق، وَمذهب فِي التَّحْقِيق دَقِيق.
[تَرْجَمَة الإِمَام البُخَارِيّ]
وسأذكر من مناقبه الدَّالَّة على علو مقَامه مَا يُوجب التَّقْدِيم لكَلَامه، والاعتقاد فِي كَمَاله وَتَمَامه. ونستتبع ذَلِك ذكر نسبه ومولده ورحلته ووفاته مِمَّا اشْتَمَل عَلَيْهِ تَارِيخ الْخَطِيب - رَحمَه الله - وَقد حدّثنا بجملته وَالِدي - رَحمَه الله - القَاضِي الرئيس الْعدْل الثِّقَة الْأمين وجيه الدّين أَبُو الْمَعَالِي مُحَمَّد بن الشَّيْخ الصَّالح أبي عَليّ مَنْصُور بن أبي الْقَاسِم بن الْمُخْتَار بن أبي بكر بن عَليّ الجذامي الجروي - رَحمَه الله وَرَحْمَة وَاسِعَة - قَالَ: حَدثنَا الإِمَام النَّاصِر لدين الله أَمِير الْمُؤمنِينَ أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد - صلوَات الله عَلَيْهِ وعَلى آبَائِهِ الطاهرين - وَلم تتسع مُدَّة خَليفَة

الصفحة 39