كتاب الزهر النضر في حال الخضر

قَالَ: مَا من يَوْم إِلَّا وَأَنا القاهم، يسلمُونَ عَليّ وَأسلم عَلَيْهِم. فأتينا النَّبِي - فَخرج مَعنا حَتَّى أَتَيْنَا الشّعب، فَإِذا ضوء وَجه إلْيَاس وثيابه كَالشَّمْسِ. فَقَالَ النَّبِي -: على رسلكُمْ. فتقدمنا قدر خمسين ذِرَاعا، فعانقه مَلِيًّا، ثمَّ قعدا، فَرَأَيْنَا شَيْئا يشبه الطير الْعِظَام، وَقد أحدقت بهما، وَهِي بيض قد نشرت أَجْنِحَتهَا، فحالت بَيْننَا وَبَينهمَا. ثمَّ صرخَ بِنَا رَسُول الله - فَقَالَ: يَا حُذَيْفَة يَا أنس {فقدمنا فَإِذا بَين أَيْدِيهِمَا مائدة خضراء لم أر شَيْئا قطّ أحسن مِنْهَا قد غلبت خضرتها بياضنا، فَصَارَت وُجُوهنَا خضراء، وَإِذا عَلَيْهَا جبن وتمر ورمان وموز وعنب وَرطب وبقل مَا خلا الكراث فَقَالَ النَّبِي -: كلوا بِسم الله، فَقُلْنَا: يَا رَسُول الله أَمن طَعَام الدُّنْيَا هَذَا؟} قَالَ: لَا، قَالَ لنا: هَذَا رِزْقِي ولي فِي كل أَرْبَعِينَ يَوْمًا وَلَيْلَة أَكلَة يأتيني بهَا الْمَلَائِكَة، فَكَانَ هَذَا تَمام الْأَرْبَعين، وَهُوَ شَيْء يَقُول الله لَهُ: كن فَيكون؛ فَقُلْنَا: من أَيْن وَجهك؟ قَالَ: من خلف رُومِية، كنت فِي جَيش من الْمَلَائِكَة مَعَ جَيش من مُسْلِمِي الْجِنّ غزونا أمة من الْكفَّار. فَقُلْنَا كم مَسَافَة ذَلِك الْموضع الَّذِي كنت فِيهِ؟ قَالَ: أَرْبَعَة أشهر وفارقته أَنا مُنْذُ عشرَة أَيَّام، وَأَنا أُرِيد مَكَّة، أشْرب مِنْهَا فِي كل سنة شربة، وَهِي ريي وعصمتي إِلَى تَمام الْمَوْسِم من قَابل.
قُلْنَا: وَأي المواطن أَكثر مثواك؛ قَالَ: الشَّام، وَبَيت الْمُقَدّس، وَالْمغْرب، واليمن، وَلَيْسَ من مَسْجِد من مَسَاجِد مُحَمَّد - إِلَّا وَأَنا أدخلهُ كَبِيرا أَو صَغِيرا. فَقُلْنَا: مَتى عَهْدك بالخضر؟ قَالَ: مُنْذُ سنة كنت

الصفحة 109