كتاب الزهر النضر في حال الخضر

قَالَ: فَبَيْنَمَا هُوَ يحدثني إِذْ رَأَيْت مائدة قد خرجت من أصل الشَّجَرَة، فَوضعت بَين يَدَيْهِ، وَلم أر من وَضعهَا، وَعَلَيْهَا ثَلَاثَة أرغفة، فَمد يَده ليَأْكُل، وَقَالَ [لي] : كل وسم، وكل مِمَّا يليك، فمددت يَدي، فَأكلت أَنا وَهُوَ رغيفا وَنصفا، ثمَّ إِن الْمَائِدَة رفعت وَلم أر أحدا رَفعهَا، وَأتي بأناء فِيهِ شراب، فَوضع فِي يَده، فَلم أر أحدا وَضعه، فَشرب ثمَّ ناولني، فَقَالَ: اشرب فَشَرِبت أحلى من الْعَسَل، وَأَشد بَيَاضًا من اللَّبن، ثمَّ وضعت الْإِنَاء، فَرفع الْإِنَاء، فَلم أر أحدا رَفعه.
ثمَّ نظر إِلَى أَسْفَل الْوَادي، فَإِذا دَابَّة قد أَقبلت فَوق الْحمار وَدون الْبَغْل، وَعَلِيهِ رحالة، فَلَمَّا انْتهى إِلَيْهِ نزل، فَقَامَ ليركب، وَدرت بِهِ لآخذ بغرز الدَّابَّة، فَركب، ثمَّ سَار، ومشيت على جنبه، وَأَنا أَقُول: يَا نَبِي الله! إِن رَأَيْت أَن تَأذن [لي] فأصحبك، وأكون مَعَك، فَقَالَ: ألم أقل: إِنَّك لن تَسْتَطِيع ذَلِك.
فَقلت: فَكيف لي بلقائك؟ قَالَ: إِنَّك إِذا رَأَيْتُك رَأَيْتنِي. قلت: على ذَلِك. قَالَ: لَعَلَّك تَلقانِي فِي رَمَضَان معتكفا بِبَيْت الْمُقَدّس، واستقبلته شَجَرَة، فَأخذ من نَاحيَة، وَدرت من الْجَانِب الآخر أستقبله، فَلم أر شَيْئا ".
قَالَ ابْن الْجَوْزِيّ: مسلمة، والراوي عَنهُ، وَأَبُو جَعْفَر الْكُوفِي لَا يعْرفُونَ.

الصفحة 146