كتاب النكت على نزهة النظر في توضيح نخبة الفكر
18 - وَإِنْ عُورِضَ بِمِثْلِهِ؛ فَإِنْ أَمْكَنَ الْجَمْعُ؛ فَمُخْتَلِفُ الْحَدِيثِ.
_____________________________________________________
(ثمَّ المَقبولُ) ينقسِمُ أَيضاً إلى مَعمولٍ بهِ وغيرِ مَعْمولٍ بهِ؛ لأنَّهُ إِنْ سَلِمَ مِنَ المُعارَضَةِ؛ أَي: لم يَأْتِ خبرٌ يُضادُّهُ، فهُوَ المُحْكَمُ، وأَمثلتُه كثيرةٌ.
وإِنْ عُورِضَ؛ فلا يَخْلو إِمَّا أَنْ يكونَ مُعارِضُةُ مقبولاً مثلَه، أَو يكونَ مَردوداً، فالثَّاني لا أَثرَ لهُ؛ لأنَّ القويَّ لا تُؤثِّرُ فيهِ مُخالفةُ الضَّعيفِ.
وإِنْ كانتِ المُعارضةُ بِمِثْلِهِ فلا يخلو إِمَّا أَنْ يُمْكِنَ الجَمْعُ بين مدلولَيْهِما بغيرِ تَعَسُّفٍ أَوْ لاَ:
فإِنْ أَمْكَنَ الجَمْعُ؛ فهو النَّوعُ المُسمَّى "مُخْتَلِفَ الحَديثِ"، ومثَّلَ لهُ ابنُ الصَّلاحِ بحديثِ: "لا عَدْوى ولا طِيَرَةَ، ولا هامَّةَ، ولا صَفَر، ولا غُول" مع حديث: "فِرَّ مِنَ المَجذومِ فِرارَكَ مِن الأسَدِ".
وكلاهُما في الصَّحيحِ، وظاهِرُهما التَّعارُضُ !
ووجْهُ الجمعِ بينَهُما أَنَّ هذهِ الأمراضَ لا تُعْدي بطبْعِها، لكنَّ الله سبحانَه وتعالى جَعَلَ مُخالطةَ المريضِ بها للصَّحيحِ سبباً لإعدائِهِ مَرَضَه.
الصفحة 103