كتاب النكت على نزهة النظر في توضيح نخبة الفكر
وتتفاوَتُ رُتَبُهُ بِتفاوُتِ هذهِ الأوْصافِ
_____________________________________________________
وقولُهُ: "بِنَقْلِ عَدْلٍ"؛ احْتِرازٌ عَمَّا يَنْقُلُهُ غيرُ العَدْلِ.
وقوله: "هُو" يسمَّى فَصْلاً يتَوَسَّطُ بينَ المُبتَدَإِ والخَبَرِ، يُؤذِنُ بأَنَّ ما بَعْدَهُ خَبرٌ عَمَّا قَبْلَهُ، وليسَ بِنَعْتٍ لهُ.
وقولُهُ: "لذاته"؛ يُخْرِجُ ما يسمَّى صحيحاً بأَمرٍ خارِجٍ عنهُ؛ كما تقدَّمَ.
(وتتفاوَتُ رُتَبُهُ)؛ أي: الصَّحيحُ، (بِـ) سببِ (تفاوُتِ هذهِ الأوْصافِ) المُقْتَضِيَةِ للتَّصحيحِ في القُوَّةِ؛ فإِنَّها لمَّا كانَتْ مُفيدةً لغَلَبَةِ الظَّنِّ الَّذي عليهِ مَدارُ الصِّحَّةِ؛ اقْتَضَتْ أَنْ يكونَ لها دَرجاتٌ بعضُها فَوْقَ بعضٍ بحَسَبِ الأمورِ المُقَوِّيةِ.
وإِذا كانَ كذلك فما يَكونُ رُواتُهُ في الدَّرجةِ العُليا مِن العدالَةِ والضَّبْطِ وسائِرِ الصِّفاتِ التي تُوجِبُ التَّرجيحَ؛ كانَ أَصحَّ ممَّا دونَهُ.
فَمِنَ المَرْتَبَةِ العُلْيا في ذلك ما أَطْلَقَ عليهِ بعضُ الأئمَّةِ أَنَّهُ أَصحُّ الأسانيدِ:
كالزُّهْريِّ عن سالِمِ بنِ عبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ عن أَبيهِ.
وكمحمَّدٍ بنِ سيرينَ عن عَبيدةَ بنِ عَمْروٍ السَّلْمانِيِّ عَن عَليٍّ.
الصفحة 84