كتاب النكت على نزهة النظر في توضيح نخبة الفكر

........................................................................................
_____________________________________________________
(فإِنْ جُمِعا)؛ أي: الصَّحيحُ والحسنُ في وصفِ حديثٍ واحدٍ؛ كقولِ التِّرمذيِّ وغيرِه: حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ؛ (فللتَّرَدُّدِ) الحاصلِ مِن المُجتهدِ (في النَّاقِلِ)؛ هل اجتَمَعَتْ فيهِ شُروطُ الصِّحَّةِ أَو قَصَّرَ عَنْها ؟!
وهذا (حَيْثُ) يَحْصُلُ منهُ (التَّفرُّدُ) بتلكَ الرِّوايةِ.
وعُرِف بهذا جوابُ مَن اسْتَشْكَلَ الجَمْعَ بينَ الوصفينِ، فقالَ: الحسنُ قاصرٌ عنِ الصَّحيحِ، ففي الجمعِ بينَ الوَصفَيْنِ إِثباتٌ لذلك القُصورِ ونَفْيُه !
ومُحَصّلُ الجوابِ أَنَّ تردُّدَ أَئمَّةِ الحديثِ في حالِ ناقلِه اقْتَضى للمُجتهدِ أَنْ لا يصِفَهُ بأَحدِ الوَصفَينِ، فيُقالُ فيهِ: حسنٌ؛ باعتبارِ وَصْفِه عندَ قومٍ، صحيحٌ باعتبارِ وصفِهِ عندَ قومٍ.
وغايةُ ما فيهِ أَنَّه حَذَفَ منهُ حرفَ التردُّدِ؛ لأنَّ حقَّهُ أَنْ يقولَ: حَسَنٌ أَو صحيحُ.
وهذا كما حَذَفَ حَرْفَ العَطفِ مِن الَّذي بَعْدَهُ.
وعلى هذا؛ فما قيلَ فيهِ حَسَنٌ صحيحٌ؛ دونَ ما قيلَ فيهِ: صَحيحٌ؛ لأنَّ الجزمَ أَقوى مِن التَّردُّدِ، وهذا حيثُ التفرُّدُ.
(وإِلاَّ)؛ أَي: إِذا لم يَحْصُلِ التَّفرُّدُ؛ (فـ) إِطلاقُ الوَصفَيْنِ معاً على الحديثِ يكونُ (باعْتِبارِ إِسنَادَيْنِ)، أحدُهُما صحيحٌ، والآخرُ حسنٌ.
وعلى هذا؛ فما قيلَ فيهِ: حسنٌ صحيحٌ؛ فوقَ ما قيلَ فيهِ: صحيحٌ؛ فقطْ

الصفحة 93