كتاب النكت على نزهة النظر في توضيح نخبة الفكر
........................................................................................
_____________________________________________________
إذا كانَ فَرْداً؛ لأنَّ كثرةَ الطُّرقِ تُقَوِّي.
فإِنْ قيلَ: قدْ صَرَّحَ التِّرمِذيُّ بأَنَّ شَرْطَ الحَسَنِ أَنْ يُرْوى مِن غيرِ وجْهٍ، فكيفَ يقولُ في بعضِ الأحاديثِ: حسنٌ غَريبٌ لا نعرِفُه إِلاَّ مِن هذا الوجهِ ؟!
فالجوابُ: أَنَّ التِّرمذيَّ لم يُعَرِّفِ الحَسَنَ المُطْلَقَ، وإِنَّما عَرَّفَ بنوع خاصٍّ منهُ وقعَ في كتابِه، وهُو ما يقولُ فيهِ: "حسن"؛ من غيرِ صفةٍ أُخرى، وذلك أَنَّهُ يقولُ في بعضِ الأحاديثِ: "حسنٌ"، وفي بعضِها: "صحيحٌ"، وفي بعضِها: غريبٌ"، وفي بعضِها: "حسنٌ صحيحٌ"، وفي بعضِها: "حسنٌ غَريبٌ"، وفي بعضِها: "صحيحٌ غريبٌ"، وفي بعضِها: "حسنٌ صحيحٌ غريب".
وتعريفُه إِنَّما وقعَ على الأوَّلِ فقطْ، وعبارتُه تُرشِدُ إِلى ذلك، حيثُ قال في آخِرِ كتابِه: (وما قُلْنا في كتابِنا: "حديثٌ حسنٌ"؛ فإِنَّما أَرَدْنا بهِ حَسَنٌ إِسنادِهِ عندَنا، إِذْ كُلُّ حديثٍ يُرْوي لا يكونُ راويهِ مُتَّهَماً بكَذِبٍ، ويُروي مِن غيرِ وجْهٍ نحو ذلك، ولا يكونُ شاذّاً؛ فهو عندَنا حديثٌ حسنٌ).
فعُرِف بهذا أَنَّهُ إِنَّما عَرَّفَ الَّذي يقولُ فيه: "حَسنٌ" فقطْ، أَمَّا ما يقولُ فيهِ: "حسنٌ صحيحٌ"، أو: "حسنٌ غريبٌ"، أو: "حسنٌ صحيحٌ غريبٌ"؛ فلم يُعَرِّجْ على تعريفِه؛كما لم يُعَرِّجْ على تعريفِ ما يقولُ فيهِ: "صحيحٌ" فقط، أو: "غريبٌ" فقط.
الصفحة 94