كتاب تقييد العلم للخطيب البغدادي
قَرَأْتُ فِي كِتَابِ الْقَاضِي أَبِي الْحُسَيْنِ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ التَّوَّزِيُّ الَّذِي سَمِعَهُ مِنْ أَبِي مُحَمَّدٍ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحِيمِ التَّوَّزِيِّ قَالَ: §الْكِتَابُ نَدِيمٌ , عَهْدُ وَفَائِهِ قَدِيمٌ , الْكِتَابُ مُنَادِمٌ , لَيْسَ مَنْ نَادَمَهُ بِنَادِمٍ , الْكِتَابُ حَمِيمٌ , خَيْرُهُ عَمِيمٌ , الْكِتَابُ أَخٌ غَيْرُ خَوَّانِّ , فَتَفَرَّدْ بِهِ عَنِ الْإِخْوَانِ , الْكِتَابُ سَمِيرٌ سَلِيمُ الظَّاهِرِ وَالضَّمِيرِ
أَنْشَدَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْقَاسِمِ الْعَلَوِيُّ لِبَعْضِهِمْ (مِنَ الْمُتَقَارِبِ) :
[البحر المتقارب]
§مُجَالَسَةُ السُّوقِ مَذْمُومَةٌ ... وَفِيهَا مَجَالِسُ قَدْ تُسْتَحَبْ
فَلَا تَقْصِدَنَّ غَيْرَ سُوقِ الدَّوَابِّ ... وَسُوقِ السِّلَاحِ وَسُوقِ الْكُتُبْ
فَتِلْكَ مَجَالِسُ أَهْلِ الْهَوَى ... وَهَذِي مَجَالِسُ أَهْلِ الْأَدَبْ
وَقِيلَ لِبَعْضِهِمْ: أَمَا تَسْتَوحِشُ؟ فَقَالَ: يَسْتَوحِشُ مَنْ مَعَهُ الْأُنْسُ كُلُّهُ؟ قِيلَ وَمَا الْأُنْسُ كُلُّهُ؟ قَالَ الْكُتُبَ , وَقِيلَ لِآخَرَ: أَلَا تُنَادِمُ فُلَانًا؟ فَقَالَ: قَدْ نَادَمْتُ مَنْ لَا يَتَكَلَّفُ لِي وَلَا أَتَكَلَّفُ لَهُ , قِيلَ: وَمَنْ هُوَ؟ قَالَ: الْكِتَابُ , وَتَأَخَّرَ عَنْ بَعْضِ الرُّؤَسَاءِ نَدِيمٌ لَهُ فَقَالَ: يَا غُلَامُ عَلَيَّ بِالنَّدِيمِ الَّذِي لَا يَتَغَيَّرُ , وَلَا يَتَغَيَّبُ , قَالَ: مَنْ هُوَ؟ قَالَ الْكِتَابُ , وَقَالَ بَعْضُ الْوُزَرَاءِ: يَا غُلَامُ ائْتِنِي بِأُنْسِ الْخُلْوَةِ , وَمَجْمَعِ السَّلْوَةِ , فَظَنَّ جُلَسَاؤُهُ أَنَّهُ يَسْتَدْعِي شَرَابًا , فَأَتَاهُ بِسَفَطٍ فِيهِ كَتَبٌ , وَقِيلَ لِرَجُلٍ مَنْ يُؤْنِسُكَ؟ فَضَرَبَ بِيَدِهِ إِلَى كُتُبِهِ وَقَالَ: هَذِهِ , فَقِيلَ: مِنَ النَّاسِ؟ قَالَ: الَّذِينَ فِيهَا
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ رِزْقٍ الْبَزَّازُ , حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ الدَّقَّاقُ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ سُنَيزٍ الْخُتَّلِيُّ، حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ يَزِيدَ، حَدَّثَنَا -[126]- مُحْرِزُ بْنُ جُبَيْرٍ الْمَرْوَزِيُّ، قَالَ: قِيلَ لِابْنِ الْمُبَارَكِ، يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ §لَوْ خَرَجْتَ فَجَلَسْتَ مَعَ أَصْحَابِكَ؟ قَالَ: إِنِّي إِذَا كُنْتُ فِي الْمَنْزِلِ جَالَسْتُ أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ , صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ , يَعْنِي النَّظَرَ فِي الْكُتُبِ
الصفحة 125
201