كتاب تقييد العلم للخطيب البغدادي

أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ حَمَّوَيْهِ بْنِ ابْرِكٍ الْهَمَذَانِيُّ، بِهَا , أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الشِّيرَازِيُّ قَالَ: أَنْشَدَنِي الْقَاسِمُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْقَفَّالُ لِأَبِيهِ , وَزَعَمُوا أَنَّهُ كَتَبَ عَلَى بَابِ خِزَانَةِ كُتُبِهِ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَإِنْ لَا يَكُنُ هُوَ أَنْشَدَنِي , فَأَنْشَدَنِي غَيْرُهُ لِأَبِي بَكْرٍ الْقَفَّالُ (مِنَ الطَّوِيلِ) :
[البحر الطويل]
§خَلِيلِي كِتَابِي لَا يَعَافُ وِصَالِيَا ... وَإِنْ قَلَّ لِي مَالٌ وَوَلَّى جَمَالِيَا
وَفَى لِي عَلَى حَالِي شَبَابٍ وَكَبْرَةٍ ... وَلَمْ يَتَجَهَّمْنِي لِشَيْبٍ قَذَالِيَا
عَلَى حِينَ خَانَتْنِي الْحِسَانُ عُهُودَهَا ... وَقَطَّعْنَ مِنْ بَعْدِ اتِّصَالٍ حِبَالِيَا
تَجَافِينَ عَنِّي إِذْ تَجَافَتْ شَبِيبَتِي ... وَأَنْكَرْنَنِي لَمَّا تَنَكَّرَتْ حَالِيَا
كِتَابِي عَشِيقِي حِينَ لَمْ يَبْقَ مَعْشَقٌ ... أُغَازِلُهُ لَوْ كَانَ يَدْرِي غَزَالِيَا
كِتَابِي أَبٌ بُرٌّ وَأُمٌّ شَفِيقَةٌ ... هُمَا هُوَ إِذْ لَا أُمُّ أَوْ لَا أَبَا لِيَا
كِتَابِي جَلِيسِي لَا أَخَافُ مَلَالَهُ ... مُحَدِّثُ صِدْقٍ لَا يَخَافُ مَلَالِيَا
مُحَدِّثُ أَخْبَارِ الْقُرُونِ الَّتِي مَضَتْ ... كَأَنِّي أَرَى تِلْكَ الْقُرُونَ الْخَوَالِيَا
فَهُمْ جُلَسَائِي لَا بَهَائِمُ رُتَّعٌ ... حَمِيرُ سُدًى مَا يَخْطُرُونَ بِبَالِيَا
كِتَابِيَ بَحْرٌ لَا يَغِيضُ عَطَاؤُهُ ... يُفِيضُ عَلَيَّ الْمَالَ إِنْ غَاضَ مَالِيَا
وَتَلْفِظُ لِي أَفْلَاذُ أَكْبَادِ كَنْزِهِ ... لُجَيْنًا وَعُقْيَانًا وَدُرًا لَآلِيَا
أُدَلُّ بِعِلْمِي أَنْ أُذَلَّ لِجَاهِلٍ ... وَيَعْقِلُ عَقْلِي أَنْ يَحِلَّ عِقَالِيَا
كِتَابِي دَلِيلٌ لِي عَلَى خَيْرِ غَايَةٍ ... فَمِنْ ثَمَّ إِدْلَالِي وَمِنْهُ دَلَالِيَا
إِذَا زِغْتُ عَنْ قَصْدِ السَّبِيلِ أَقَامَنِي ... وَإِنْ ضَلَّ ذِهْنِيَ رَدَّنِي عَنْ ضَلَالِيَا
فَهَذَا خَلِيلِي لَا أَزَالُ خَلِيلُهُ ... وَخَيْرُ خِلَالِيَ أَنْ أُدِيمَ خِلَالِيَا
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الْحَسَنِ السَّاحِلِيُّ، أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو الْحَسَنِ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ عَلِيٍّ الْهَمَذَانِيُّ بِأَطَرَابُلْسَ , حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ طَالِبٍ الْبَغْدَادِيُّ قَالَ: أَنْشَدَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ الْأَنْبَارِيِّ , عَنْ بَعْضِهِمْ (مِنَ الْمُتَقَارِبِ) :
[البحر المتقارب]
-[128]-
§إِذَا مَا خَلَوتُ مِنَ الْمُؤْنِسِينَ ... جَعَلْتُ الْمُؤَانِسَ لِي دَفْتَرِي
فَلَمْ أَخْلُ مِنْ شَاعِرٍ مُحْسِنٍ ... وَمِنْ عَالِمٍ صَالِحٍ مُنْذِرِ
وَمِنْ حِكَمٍ بَيْنَ أَثْنَائِهَا ... فَوَائِدُ لِلنَّاظِرِ الْمُفَكِّرِ
فَإِنْ ضَاقَ صَدْرِي بَأَسْرَارِهِ ... وَأَوْدَعْتُهُ السِّرَّ لَمْ يَظْهَرِ
وَإِنْ صَرَّحَ الشِّعْرُ بِاسْمِ الْحَبِيبِ ... لَمْ أَحْتَشِمْهُ وَلَمْ أَحْصِرِ
وَإِنْ عُدْتُ مِنْ ضَجْرَةٍ بِالْهِجَاءِ ... وَسَبِّ الْخَلِيفَةِ لَمْ أَحْذَرِ
وَنَادَمْتُ فِيهِ كَرِيمَ الْمَغِيبِ ... لِنُدْمَانِهِ طَيِّبُ الْمَخْبَرِ
فَلَسْتُ أَرَى مُؤْثِرًا مَا حَيِيتُ ... نَدِيمًا عَلَيْهِ إِلَى الْمَحْشَرِ

الصفحة 127