كتاب تقييد العلم للخطيب البغدادي

وَلَهَا إِذَا حُلَّتْ نِتَاجُ غَرَائِبٍ ... يَمْكُثْنَ مَا زُرَّتْ بِهِنَّ حَوَامِلَا
يَلْبَسْنَ أَرْدِيَةَ الْأَدِيمِ كَأَنَّمَا ... رَقْرَقْتَ فِيهِنَّ الْخَلُوقَ السَّائِلَا
فَإِذَا مَدَدْتَ لَهَا يَمِينَكَ فَاتِحًا ... عَبِقَتْ يَمِينُكَ رَاحَةً وَأَنْامِلَا
نَشَرَتْ حَدَائِقُهَا عَلَى أَمْثَالِهَا ... حُلَلًا مُدَبَّجَةً وَحِلْيًا كَامِلًا
رَوضٌ تُزَخْرِفُهُ الْعُقُولُ وَرَوْضَةٌ ... بَاتَتْ تُزَخْرِفُهَا الْغُيُوثُ هَوَاطِلَا
وَكَتِيبَتَا زَنْجٍ وَرُومٍ أَذْكَتَا ... حَرْبًا يُسَلُّ بِهَا الذَّكَاءُ مَنَاصِلَا
فِي مَعْرَكٍ قَسَمَ النِّزَّالُ بِقَاعَهُ ... بَيْنَ الْكُمَاةِ الْمُعْلَمِينَ مَنَازِلَا
لَمْ يَسْفَحَا فِيهِ دَمًا وَكَأَنَّمَا ... رَشْحُ الدِّمَاءِ أَعَالِيًا وَأَسَافِلَا
يُيْدِي لِعَيْنِكَ كُلَّمَا عَايَنْتَهُ ... قَرْنَيْنِ جَالَا مُقْدِمًا وَمُجَاوِلَا
فَكَأَنَّ ذَا صَاحَ يَسِيرُ مُقَوِّمًا ... وَكَأَنَّ ذَا نَشْوَانُ يَخْطُرُ مَائِلَا
أَعْجِبْ بِهَا حَرْبًا تُثِيرُ إِذَا الْتَظَتْ ... فَضْلَ الرِّجَالِ وَلَا تُثِيرُ قَسَاطِلَا
أَنْشَدَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الصُّورِيُّ لِنَفْسِهِ (مِنَ الرَّمَلِ) :
[البحر الرمل]
§قِيمَةُ الْكُتْبِ أَجَلُّ الْقِيَمِ ... عِنْدَ مَنْ يَعْرِفُ رَصْعَ الْكَلِمِ
جَمَعَتْ مِنْ كُلِّ فَنٍ حَسَنٍ ... وَغَرِيبٍ مِنْ ضُرُوبِ الْحِكَمِ
بَيْنَ مَنْظُومٍ بَدِيعٍ نَظْمُهُ ... حَاكَهُ كُلُّ أَدِيبٍ فَهِمِ
ثُمَّ يَتْلُو النَّظْمَ نَثْرٌ مُشْبِهٌ ... زَهَرَ الرَّوْضِ عَقِيبَ الدِّيَمِ
فَإِذَا مَا نَطَقَتْ فِي مَجْلِسٍ ... تَرَكَتْ أَفْصَحَنَا كَالْأَعْجَمِ
فَلَنَا مِنْهَا جَلِيسٌ مُمْتِعٌ ... لَيْسَ بِالْعِيِّ وَلَا بِالْمُفْحَمِ
نَاظِمٌ طَوْرًا وَطَوْرًا نَاثِرٌ ... حِكَمًا فِيهَا لِقَاحُ الْفَهِمِ
نَحْنُ مِنْهُ فِي سُرُورٍ لَا كَمَنْ ... هُوَ مِنْ جُلَّاسِهِ فِي مَأْتَمِ
يَكْتُمُ السِّرَّ إِذَا بُحْنَا بِهِ ... فِي سُوَيْدَاهُ وَلَمْ يُسْتَكْتَمِ
وَإِذَا النُّدْمَانُ يَوْمًا سَئِمُوا ... مَجْلِسًا لَمْ تُلْفِهِ بِالسَّئِمِ
-[132]-
فَاحْفَظِ الْكُتْبَ فَفِي بَذْلِكَهَا ... نَدَمٌ مَا شِئْتَ كُلَّ النَّدَمِ

الصفحة 131