كتاب تقييد العلم للخطيب البغدادي

§مَنِ اسْتَوحَشَ مِنَ الْخَلِيطِ وَالْمُعَاشِرِ فَجَعَلَ أُنْسَهُ النَّظَرَ فِي الدَّفَاتِرِ
أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الشَّرُوطِيُّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ مُوسَى , حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْقَاضِي، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ الْمُبَرِّدُ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَصْرِيُّ، قَالَ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْعُمَرِيُّ يَلْزَمُ الْجَبَّانَ كَثِيرًا , فَكَانَ لَا يَخْلُو مِنْ كِتَابٍ يَكُونُ مَعَهُ يَنْظُرُ فِيهِ فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ , فَقَالَ: إِنَّهُ §لَيْسَ شَيْءٌ أَوعَظُ مِنْ قَبْرٍ , وَلَا أَسْلَمُ مِنْ وَحْدَةٍ , وَلَا آنَسُ مِنْ كِتَابٍ
حَدَّثَنَا أَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ السَّمَّاكُ , أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَى بْنِ الْقَاسِمِ الْقُرَشِيُّ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمِصْرِيُّ، حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ خُبَيْقٍ، قَالَ: تَعَبَّدَ الْعُمَرِيُّ , وَسَكَنَ الْمَقَابِرَ , وَكَانَ لَا يُرَى إِلَّا وَفِي يَدِهِ كِتَابٌ يَقْرَأُهُ , وَتَرَكَ مُجَالَسَةَ النَّاسِ , فَسُئِلَ عَنْ فِعَالِهِ وَنُزُولِهِ الْمَقَابِرَ , فَقَالَ: §لَمْ أَرَ أَوعَظَ مِنْ قَبْرٍ , وَلَا آنَسَ مِنْ كِتَابٍ , وَلَا أَسْلَمَ مِنْ وَحْدَةٍ قِيلَ لَهُ: فَقَدْ جَاءَ فِي الْوَحْدَةِ مَا جَاءَ , فَقَالَ: مَا أَفْسَدَهَا لِلْجَاهِلِ
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيِّ بْنِ حَمَوَيْهِ الْهَمَذَانِيُّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الشِّيرَازِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنِ سَعِيدٍ الْفَقِيهُ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْجِيرَنْجِيُّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ الْحَارِثَ بْنَ أَبِي أُسَامَةَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ مُوسَى بْنَ هَارُونَ الْبَرْزِيُّ، يَقُولُ: " عُوتِبَ بَعْضُ الْأُدَبَاءِ عَلَى لُزُومِهِ مَنْزِلَهُ -[143]- وَتَرْكِهِ مُحَادَثَةَ الرِّجَالِ , فَأَجَابَ بِجَوَابٍ مَدَحَ فِيهِ كُتُبَهُ فَقَالَ: مِنَ الطَّوِيلِ
[البحر الطويل]
§لَنَا جُلَسَاءُ مَا نَمَلُّ حَدِيثَهُمُ ... أَلِبَّاءُ مَأْمُونُونَ غَيَبًا وَمَشْهَدَا
يَفِيدُونَنَا مِنْ رَأْيِهِمْ عِلْمَ مَنْ مَضَى ... وَعَقْلًا وَتَأْدِيبًا وَرَأَيَا مُسَدَّدَا
بِلَا مَؤَنَةٍ تُخْشَى وَلَا سُوءِ عِشْرَةٍ ... وَلَا تَتَّقِي مِنْهُمْ لِسَانًا وَلَا يَدَا
فَإِنْ قُلْتَ هُمْ مَوْتَى فَلَسْتَ بِكَاذِبٍ ... وَإِنْ قُلْتَ أَحْيَاءٌ فَلَسْتَ مُفَنَّدَا
يُفَكِّرُ قَلْبِي دَائِبًا فِي حَدِيثِهِمْ ... كَأَنَّ فُؤَادِي ضَافَهُ سُمُّ أَسْوَدَا

الصفحة 142