كتاب الاعتصام للشاطبي ت الهلالي (اسم الجزء: 1)
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ} [الأنعام: 108].
وَفِي الْحَدِيثِ: أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «نَهَى عَنْ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ الْمُتَفَرِّقِ، وَيُفَرَّقَ الْمُجْتَمَعُ، خَشْيَةَ الصَّدَقَةِ، وَنَهَى عَنْ بَيْعِ السَّلَفِ»، وَعَلَّلَهُ الْعُلَمَاءُ بِالرِّبَا الْمُتَذَرِّعِ إِلَيْهِ فِي ضِمْنِ السَّلَفِ ـ، «وَنَهَى عَنِ الْخُلْوَةِ بِالْأَجْنَبِيَّاتِ»، وَعَنْ «سَفَرِ الْمَرْأَةِ مَعَ غَيْرِ ذِي مَحْرَمٍ»، وَأَمَرَ النِّسَاءَ بِالِاحْتِجَابِ عَنْ أَبْصَارِ الرِّجَالِ، وَالرِّجَالَ بِغَضِّ الْأَبْصَارِ. . . . إِلَى أَشْبَاهِ ذَلِكَ مِمَّا عَلَّلُوا الْأَمْرَ فِيهِ وَالنَّهْيَ بِالتَّذَرُّعِ لَا بِغَيْرِهِ.
وَالنَّهْيُ أَصْلُهُ أَنْ يَقَعَ عَلَى الْمَنْهِيِّ عَنْهُ وَإِنْ كَانَ مُعَلَّلًا، وَصَرْفُهُ إِلَى أَمْرٍ مُجَاوِرٍ خِلَافُ أَصْلِ الدَّلِيلِ، فَلَا يُعْدَلُ عَنِ الْأَصْلِ إِلَّا بِدَلِيلٍ، فَكُلُّ عِبَادَةٍ نُهِيَ عَنْهَا؛ فَلَيْسَتْ بِعِبَادَةٍ؛ إِذْ لَوْ كَانَتْ عِبَادَةً؛ لَمْ يُنْهَ عَنْهَا، فَالْعَامِلُ بِهَا عَامِلٌ بِغَيْرِ مَشْرُوعٍ، فَإِذَا اعْتَقَدَ فِيهَا التَّعَبُّدَ مَعَ هَذَا النَّهْيِ؛ كَانَ مُبْتَدِعًا بِهَا.
لَا يُقَالُ: إِنَّ نَفْسَ التَّعْلِيلِ يُشْعِرُ بِالْمُجَاوَرَةِ، وَإِنَّ الَّذِي نُهِيَ عَنْهُ غَيْرُ
الصفحة 512
896