كتاب تنوير الغبش في فضل السودان والحبش

ابْن جحش زَوجي بأسوء صُورَة وأشوهها فَفَزِعت، فَقلت: تَغَيَّرت وَالله حَاله، فَإِذا هُوَ يَقُول حِين أصبح: يَا أم حَبِيبَة، إِنِّي نظرت فِي الدّين فَلم أر دينا خيرا من النَّصْرَانِيَّة، وَكنت قد دنت بهَا ثمَّ دخلت فِي دين مُحَمَّد، ثمَّ قد رجعت إِلَى النَّصْرَانِيَّة، فَقلت: وَالله مَا خير لَك، وأخبرته بالرؤيا الَّتِي رَأَيْت فَلم يحفل بهَا، وأكب على الْخمر حَتَّى مَاتَ. فَأرى فِي الْمَنَام كَأَن آتِيَا يَقُول: يَا أم الْمُؤمنِينَ، فَفَزِعت فَأَوَّلتهَا أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَتَزَوَّجنِي.
قَالَت: فَمَا هُوَ إِلَّا أَن انْقَضتْ عدتي فَمَا شَعرت إِلَّا برَسُول النَّجَاشِيّ على أتان يسْتَأْذن، فَإِذا جَارِيَة لَهُ يُقَال لَهَا: أَبْرَهَة كَانَت تقوم على ثِيَابه ودهنه، فَدخلت عَليّ فَقَالَت: إِن الْملك يَقُول [لَك] : إِن رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كتب إِلَيّ أَن أزَوجك، فَقلت: بشرك اللَّهِ بِخَير يَقُول لَك الْملك وكلي من يزوجك، فَأرْسلت إِلَى خَالِد بن سعيد ابْن العَاصِي فَوَكَّلَتْهُ، وَأعْطيت أَبْرَهَة سِوَارَيْنِ من فضَّة، وخدمتين كَانَتَا فِي رجْلي، وخواتيم فضَّة كَانَت فِي أَصَابِع رجْلي سُرُورًا بِمَا بشرت، فَلَمَّا كَانَ الْعشي أَمر النَّجَاشِيّ جَعْفَر بن أبي طَالب وَمن هُنَاكَ من الْمُسلمين فَحَضَرُوا، فَخَطب النَّجَاشِيّ

الصفحة 108