كتاب تنوير الغبش في فضل السودان والحبش

فَخذ مِنْهُ مائَة دِرْهَم، فَأعْطَاهُ وزاده، واذهب إِلَى عبد الرَّحْمَن بن عَوْف فَخذ مائَة دِرْهَم، فَأعْطَاهُ وزاده.
وَاعْلَم أَنَّهَا لَيست بِسنة جَارِيَة وَلَا بفريضة فَمن شَاءَ فليتزوج على الْقَلِيل وَالْكثير، فَبَيْنَمَا هُوَ فِي السُّوق مَعَه مَا يَشْتَرِي لزوجته ينظر مَا يجهزها بِهِ إِذْ سمع صَوتا يُنَادي: يَا خيل اللَّهِ ارْكَبِي وَأَبْشِرِي، فَنظر نظرة إِلَى السَّمَاء ثمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ إِلَه السَّمَاء وإله الأَرْض وَرب مُحَمَّد لأجعلن هَذِه الدَّرَاهِم الْيَوْم فِيمَا يحب اللَّهِ وَرَسُوله والمؤمنون، وانتفض انتفاضة الْفرس الْعرق فَاشْترى سَيْفا ورمحا وفرسا، وَاشْترى جُبَّة وَشد عمَامَته على بَطْنه، واعتجر بِالْأُخْرَى، فَلم تَرَ مِنْهُ إِلَّا حماليق عَيْنَيْهِ حَتَّى وقف على الْمُهَاجِرين فَقَالُوا: من هَذَا الْفَارِس الَّذِي لَا نعرفه؟ فَقَالَ لَهُم عَليّ بن أبي طَالب: كفوا عَن الرجل فَلَعَلَّهُ مِمَّن طَرَأَ عَلَيْكُم من قبل الْبَحْرين أَو من قبل الشَّام حَتَّى يسألكم عَن معالم دينه فَأحب أَن يواسيكم الْيَوْم بِنَفسِهِ، إِذْ رَآهُ رَسُول اللَّهِ فَقَالَ ": من هَذَا الْفَارِس الَّذِي لم يأتنا؟ " فرغبن فِي الْجِهَاد إِذا اقتحمت الكتيبتان فَجعل يضْرب بِسَيْفِهِ، ويطعن برمحه قدما قدما، إِذْ قَامَ بِهِ فرسه، فَنزل عَنهُ وحسر عَن ذِرَاعَيْهِ، فَلَمَّا رأى رَسُول اللَّهِ سَواد ذِرَاعَيْهِ عرفه، فَقَالَ: " أسعد "؟

الصفحة 139