كتاب تنوير الغبش في فضل السودان والحبش

يتحدثون، فَسَكَتُوا، فَقَالَ هِشَام: مَا حَاجَتك يَا أَبَا مُحَمَّد؟ قَالَ: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ، أهل الْحَرَمَيْنِ أهل الْحَرَمَيْنِ، أهل اللَّهِ وجيران رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يقسم فيهم أعطياتهم وأرزاقهم، قَالَ: نعم، يَا غُلَام، اكْتُبْ لأهل الْمَدِينَة وَأهل مَكَّة بعطاءين وأرزاقهم لسنة، ثمَّ قَالَ: هَل من حَاجَة غَيرهَا يَا أَبَا مُحَمَّد؟ قَالَ: نعم: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ، أهل الْحجاز وَأهل نجد أصل الْعَرَب، وقادة الْعَرَب ترد فيهم فضول صَدَقَاتهمْ، قَالَ: نعم، يَا غُلَام، اكْتُبْ بِأَن ترد فيهم صَدَقَاتهمْ. ثمَّ قَالَ: هَل من حَاجَة غَيرهَا يَا أَبَا مُحَمَّد؟ قَالَ: نعم، يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ، أهل الثغور يرْمونَ من وَرَاء بيضتكم ويقاتلون عَدوكُمْ، وَقد أجريتم لَهُم أرزاقا تدرها عَلَيْهِم؛ فَإِنَّهُم إِن هَلَكُوا غزيتم، قَالَ: نعم، اكْتُبْ بِحمْل أَرْزَاقهم إِلَيْهِم يَا غُلَام، هَل من حَاجَة غَيرهَا يَا أَبَا مُحَمَّد؟ قَالَ: نعم، يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ، أهل ذمتكم لَا تجبى صغارهم، وَلَا تتعتع كبارهم، وَلَا يكلفون مَا لَا يُطِيقُونَ فَإِن مَا تجبونه مَعُونَة لكم على عَدوكُمْ، قَالَ: نعم، اكْتُبْ يَا غُلَام، لَا يحملون مَالا يُطِيقُونَ، هَل من حَاجَة غَيرهَا؟ قَالَ: نعم أَمِير الْمُؤمنِينَ، اتَّقِ اللَّهِ [عز وَجل] فِي نَفسك فَإنَّك خلقت وَحدك،

الصفحة 157