كتاب تنوير الغبش في فضل السودان والحبش

فَقَالَ:
(وبتنا وسادانا إِلَى علجانة ... وحقف تهاداه الرِّيَاح تهاديا)

(توسدني كفا وَتثني بمعصم عَليّ ... وتحني رجلهَا من ورائيا)

(وهبت شمالا آخر اللَّيْل قُرَّة ... وَلَا ثوب إِلَّا درعها وردائيا)

(فمازال ثوبي طيبا من نسيمها ... إِلَى الْحول حَتَّى أنهى الثَّوْب بَالِيًا)

قَالَ: فَذهب بِهِ جندل أَبُو معبد إِلَى الْمَدِينَة ليَبِيعهُ بهَا فَقَالَ بعد أَن أخرجه يَوْمًا:
(وَمَا كنت أخْشَى جندلا أَن يبيعني ... بِشَيْء وَلَو أمست أنامله صفرا)

(أخوكم وَمولى مالكم وربيبكم ... وَمن قد ثوى فِيكُم وعاشركم دهرا)

(أشوقا وَلما يمض لي غير لَيْلَة ... فَكيف إِذا سَارَتْ الْمطِي بِنَا عشرا)

قَالَ: فرق عَلَيْهِ جندل فَرده مَخَافَة قومه فلاموه وَأَرَادُوا قتل العَبْد، وَكَانَ جندل يضن بِهِ فَخرج بِهِ إِلَى السُّلْطَان بِالْمَدِينَةِ فسجنه وضربه ثَمَانِينَ سَوْطًا ثمَّ خرج بِهِ رَاجعا إِلَى بِلَاده فتغنى بِهِ سحيم وَقَالَ:
(أَبَا معبد بئس العريضة للفتى ... ثَمَانُون لم تتْرك لحلفكم عبدا)

الصفحة 166