كتاب تنوير الغبش في فضل السودان والحبش

دخل نصيب على يزِيد بن عبد الْملك فَقَالَ لَهُ: حَدثنِي بِبَعْض مَا مر عَلَيْك. فَقَالَ: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ علقت جَارِيَة حَمْرَاء - يَعْنِي بَيْضَاء - فَمَكثت زَمَانا تمنيني الأباطيل فَأرْسلت إِلَيْهَا بِهَذِهِ الأبيات:
(وَإِن أك حالكا فالمسك أحوى ... وبالسواد جلدي من دَوَاء)

(ولي كرم عَن الْفَحْشَاء نائي ... كبعد الأَرْض من جو السَّمَاء)

(ومثلي فِي رجالكم قَلِيل ... ومثلي لَا يرد عَن النِّسَاء)

(فَإِن ترضي فردي قَول رَاض ... وَإِن تأبي فَنحْن على السوَاء)

فَلَمَّا قَرَأت الأبيات، قَالَت: المَال وَالْعقل يعفيان على غَيرهمَا فزوجتني نَفسهَا.
[87] قَالَ ابْن خلف: وحَدثني أَبُو بكر بن شَدَّاد قَالَ حَدثنِي أَبُو عبد اللَّهِ ابْن أبي بكر قَالَ: حَدثنِي إِبْرَاهِيم بن زيد بن عبد اللَّهِ السَّعْدِيّ قَالَ: حَدَّثتنِي جدتي عَن أَبِيهَا عَن جدها قَالَ: رَأَيْت رجلا أسود وَمَعَهُ امْرَأَة بَيْضَاء فَجعلت أتعجب من سوَاده وبياضها، فدنوت مِنْهُ، فَقلت: من أَنْت؟ قَالَ: أَنا الَّذِي أَقُول:
(أَلا لَيْت شعري مَا الَّذِي يحدثن لي ... إِذا مَا غَدا النأي المفرق والبعد)

الصفحة 173