كتاب الانتصارات الإسلامية في كشف شبه النصرانية (اسم الجزء: 1)

والبحار والأقوات وغيرها في أربعة أيام، لأن هذه الأشياء إما من حقيقة «1» الأرض، أو مما بينها وبين السماء. فتعين بما ذكرناه أنها داخلة فيما خلق في أربعة أيام التي منها اليومان الأولان «2».
الوجه الثاني: أن قوله: فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ إما أن نعلقه بتقدير الأقوات فقط، أو به وبما قبله من خلق الأرض وجبالها، والبركة فيها. والأول باطل، لأنه يلزم «3» / أن يكون فعل ما قبل ذلك، لا في زمان، وهو محال. فتعين الثاني، وهو أن أربعة الأيام متعلقة بجميع ما تقدم، من قوله: خَلَقَ الْأَرْضَ إلى قوله: أَقْواتَها «4» وعلى هذا اعتراض لا يخفى.
الوجه الثالث: أن محمدا- عليه السلام- لم يشك أحد في حكمته وفصاحته ولهذا نسبه الأعداء إلى أنه إنما أقام ناموسه بالحكمة والسيف. ومن يكون من الحكمة في هذه الرتبة لا يناقض ما صرح به في ستة مواضع بما يقوله في موضع، ولا يخفى عليه ذلك. فدل هذا على أنه أراد بما في هذه الآية ما في تلك الآيات. وذلك إنما يصح بجعل اليومين الأولين داخلين في الأربعة الثانية ويصير/ هذا كما لو قلت: سرت من القاهرة «5» إلى بيت المقدس «6» في عشرة أيام، وإلى
__________
(1) كلمة:" حقيقة" ليست في (م).
(2) وهذا ما ذهب إليه ابن كثير في تفسيره للآية 4/ 93، ولا اعتراض على هذا التفسير فهو الصحيح.
(3) في (ش): لزم.
(4) ذكر هذا بمعناه الإمام الطبري في تفسيره (24/ 95 - 97).
(5) القاهرة: مدينة بجنب الفسطاط يجمعها سور واحد، وهي اليوم المدينة الكبيرة التي تجتمع عدة محافظات وهي عاصمة جمهورية مصر العربية، وتعرف قديما باسم القاهرة المعزية لأنها عمرت أيام المعز العلوي فصارت مدينة أعظم من مصر الذي أصبح معها مدينة واحدة الآن.
[انظر مراصد الاطلاع 3/ 1060].
(6) من أسمائها: أورشليم، وايليا. انظر التعريف بها في هامش ص: 317 و415 من هذا الكتاب.

الصفحة 506