كتاب الانتصارات الإسلامية في كشف شبه النصرانية (اسم الجزء: 1)
ذلك فالرافضة حملوا" ما" في قوله- عليه السلام-: «ما تركنا صدقة» «1» على أنها نافية، أي: لم نترك صدقة، وإنما تركنا ما تركناه إرثا لغيرنا، وحملها أهل السنة على أنها موصولة، بمعنى الذي، تقديره: الذي تركناه صدقة، بالرفع على الخبر، وحذف الهاء من تركناه لأنها ضمير منصوب وهو سائغ الحذف فى الصلة، كقوله تعالى: وما عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ ... (35) «2» قرئ بحذف الهاء وإثباتها «3».
وهذا هو الحق- إن شاء الله تعالى- وما ذهب إليه الرافضة خطأ صريح محض" «4».
ثم رد على الرافضة في نفس الموضع على تضعيفهم الحديث المذكور فقال:" ... لا سبيل إلى منع صحته، إذ قد رواه أحمد والبخاري ومسلم من حديث عائشة «5»، وأبو داود من حديث مالك بن أوس
__________
(1) سبق تخريجه في الصفحة السابقة.
(2) سورة يس، آية 35.
(3) انظر الإقناع في السبع 2/ 742.
(4) قلت: وقوله في لفظ الحديث: (لا نورث)، والرواية الأخرى من مسلم في الجهاد، حديث 49:
(لا نورث ما تركناه صدقة) والثالثة عند البخاري في فضائل الصحابة، باب مناقب قرابة رسول الله ... ، وعند مسلم في الجهاد حديث 51، وأبو داود في الموضع السابق: (لا نورث ما تركنا فهو صدقة)، تدل على أن (ما) موصولية وليست نافية.
(5) عائشة بنت أبي بكر عبد الله بن عثمان الصديق- رضي الله عنهما- ولدت بعد مبعث النبي صلّى الله عليه وسلم بأربع سنين وعقد عليها وهي بنت تسع. كانت من أفقه الناس وأعلمهم، وفي الحديث: «فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام». وكانت أحب نساء رسول الله صلّى الله عليه وسلم إليه.
ماتت سنة 58 هـ، ودفنت بالبقيع. (انظر الإصابة 4/ 359 - 361، وسير أعلام النبلاء 2/ 135 - 210).