كتاب الانتصارات الإسلامية في كشف شبه النصرانية (اسم الجزء: 1)
على أبي بكر- رضي الله عنه- وهو ضعيف. أما أولا فلقوله- عز وجل-:
أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ فقد أنزلت عليه السكينة، مع ما ذكروه من عدم مفارقتها له، ولا اقتناع من أن يزاد سكينة على سكينة، ونورا على نور. وأما ثانيا فلأن ذلك يقتضي أن الضمير في وأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْها لأبي بكر أيضا، وهو خلاف الظاهر بل القاطع، ولا أظن أحدا قال بذلك.
أما الشيعة فطعنوا على أبي بكر- رضي الله عنه- من الآية بوجه واحد وهو قوله: (لا تَحْزَنْ) دل ذلك على أنه حزن لأجل طلب الكفار لهما، مع أنه مع رسول الله، بعين الله، تحت رعاية الله، وقد سمع النبي صلّى الله عليه وسلم يخبر بأنه سيظهر على أعدائه، ويظهر دينه على جميع الأديان، فحزن أبي بكر والحالة هذه إما شك في هذا الخبر، أو ضعف منه وخور. قالوا: وإنما الشجاع المؤمن، واللبيب الموقن:
علي بن أبي طالب- رضي الله عنه- حيث كان نائما على فراش النبي صلّى الله عليه وسلم معرضا نفسه من أيدي الكفار لشرب كئوس الحمام «1»، فما شك وما خار، ولا تبلد ذهنه ولا جار!. وأجاب أهل السنة بأن حزن أبي بكر- رضي الله عنه- لم يكن ضعفا ولا شكا، وإنما كان رقة غالبة، وشفقة على النبي صلّى الله عليه وسلم، ولو كان ذلك عن شك أو ضعف لكان أولى ما صدر منه يوم بدر حين قال النبي صلّى الله عليه وسلم:
«اللهم إن تهلك هذه العصابة فلن تعبد» وأخذ أبو بكر بردائه يقول:" كفاك مناشدتك ربك، إن شاء الله سينجز لك ما وعدك «2» " وهذا غاية الشجاعة والإيمان،
__________
(1) الحمام: قضاء الموت وقدره. يقال نزل به حمامه: أي قدره وموته. (انظر لسان العرب 12/ 151، ومختار الصحاح ص 157).
(2) أخرجه الإمام مسلم في كتاب الجهاد، باب الامداد بالملائكة في غزوة بدر حديث 58، والترمذي في تفسير سورة الأنفال، وأحمد في المسند 1/ 30، 32، 117.