كتاب التسعينية (اسم الجزء: 3)

وانحرافًا (¬1) عن القرآن، وعما أجمع المسلمون عليه (¬2).
وزعموا أنهم ينفردون بالقدرة على أعمالهم دون ربهم، وأثبتوا (¬3) لأنفسهم غنى (¬4) عن الله، ووصفوا أنفسهم بالقدرة على ما لم يصفوا الله بالقدرة عليه، كما أثبتت المجوس للشيطان من القدرة على الشر ما لم يثبتوه لله - عَزَّ وَجَلَّ - فكانوا مجوس هذه الأمة، إذ دانوا بديانة المجوس، وتمسكوا بأقوالهم، ومالوا إلى أضاليلهم.
وقنطوا الناس من رحمة الله، وآيسوهم من (¬5) روحه، وحكموا على العصاة بالنار والخلود [فيها] (¬6)، خلافًا لقول الله: {وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} (¬7).
وزعموا أن من دخل النار لا يخرج منها، خلافًا لما جاءت به الرواية عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن الله يخرج من النار قومًا بعدما امتحشوا فيها وصاروا حممًا (¬8).
¬__________
(¬1) في الإبانة: وإعراضًا.
(¬2) في الإبانة: وعما أجمع عليه أهل الإِسلام.
(¬3) في الإبانة: فأثبتوا.
(¬4) في الإبانة: الغنى.
(¬5) من: ساقطة من: س.
(¬6) ما بين المعقوفتين زيادة من: الإبانة.
(¬7) سورة النساء، الآية: 48.
(¬8) أخرج البخاري ومسلم في صحيحيهما عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا دخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار يقول الله: من كان في قلبه مثقال حبَّة من خردل من إيمان فأخرجوه فيخرجون قد امتحشوا -امتحشوا: احترقوا- وعادوا حممًا -حممًا: صاروا فحمًا- فيلقون في نهر الحياة فينبتون كما تنبت الحبة في حميل السيل -حميل السيل: الغثاء الذي يحمله السيل-"، أو قال: حمية -جاء في مسلم في رواية حمئة أو حميلة السيل. والحمئة: الطين الأسود الذي يكون في أطراف النهر- السيل.
وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ألم تروا أنها تنبت صفراء ملتوية" هذا لفظ البخاري. =

الصفحة 1011