وما أخبر الله بعلمه، وقدرته، ومشيئته، ورحمته، وعفوه، ومغفرته، ورضاه، وسخطه، ومحبته، وبغضه، وسمعه، وبصره، وعلوه (¬1)، وكبريائه، وعظمته، وغير ذلك، كل ذلك من آيات الصفات، فهل يؤمر من آمن بالله ورسوله بأن يعرض عن هذا كله، وأن لا يبلغ المؤمنين من أمة محمَّد - صلى الله عليه وسلم - هذه الآيات ونحوها من (¬2) الأحاديث وأن لا يكتب بكلام الله وكلام رسوله الذي هو آيات الصفات وأحاديثها إلى البلاد ولا يفتى من ذلك ولا به، وقد قال الله تعالى: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ} (¬3) وأسوأ أحوال العامة أن يكونوا أميين، فهل يجوز أن ينهى عن (¬4) أن يتلى على الأميين آيات الله أو عن [أن] (¬5) يعلموا الكتاب والحكمة.
ومعلوم أن جميع من أرسل إليه الرسول من العرب كانوا قبل معرفة الرسالة أجهل من عامة المؤمنين اليوم، فهل كان النبي - صلى الله عليه وسلم - ممنوعًا من تلاوة ذلك عليهم وتعليمهم إياه أو مأمورًا به؟ أوليس هذا من أعظم الصد عن سبيل الله؟ وقد قال (¬6) تعالى: {قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ} (¬7). . . . الآية، وقال: {فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيرًا} (¬8) أوليس هذا نوعًا من الأمر بهجر القرآن والحديث وترك استماعه، وقد قال تعالى:
¬__________
(¬1) في س: "وعلو".
(¬2) في الأصل: "في ". والمثبت من: س، ط. ولعله المناسب.
(¬3) سورة الجمعة، الآية: 2.
(¬4) "عن": ساقطة من: س، ط.
(¬5) ما بين المعقوفتين زيادة من: س، ط.
(¬6) في س، ط: "قال الله".
(¬7) سورة آل عمران، الآية: 99.
(¬8) سورة النساء، الآية: 160.