الوجه الخامس عشر:
إن القول الذي قالوه إن لم يكن حقًّا يجب اعتقاده لم يجز الإلزام به، وإن كان حقًّا (¬1) يجب اعتقاده، فلا بد من بيان دلالته، فإن العقوبة لا تجوز قبل إقامة الحجة باتفاق المسلمين، فإن [كان] (¬2) القول مما أظهره الرسول وبينه، فقد قامت الحجة ببيان رسوله، وإن لم يكن ذلك فلا بد من بيان حجته وإظهارها، التي يجب موافقتها ويحرم مخالفتها. ولهذا قال الفقهاء (¬3) في أهل البغي المتأولين: إن (¬4) ذكروا مظلمة أزالها الإمام، وإن ذكروا شبهة بينها (¬5) لهم، فإذا لم يبينوا صواب القول أصلًا، بل ادعوه دعوى مجردة فكيف يجب التزام (¬6) مثل ذلك القول من غير الرسول؟ وهل يفعل هذا (¬7) من له عقل أو دين؟.
الوجه السادس عشر:
إنهم لو بينوا صواب ما ذكروه من القول لم يكن ذلك موجبًا لعقوبة تاركه (¬8)، فليس كل مسألة فيها نزاع إذا أقام أحد الفريقين الحجة على صواب قوله مما يسيغ له عقوبة مخالفه، بل عامة المسائل التي تنازعت
¬__________
(¬1) حقًّا: ساقطة من: س.
(¬2) ما بين المعقوفتين زيادة من: س، ط.
(¬3) كما ذكر ذلك ابن قدامة في المغني 8/ 108.
(¬4) إن: ساقطة من: س.
(¬5) في ط: بينوها. وهو تصحيف.
(¬6) في الأصل: الالتزام. وأثبت ما يستقيم به الكلام من: س، ط.
(¬7) في س: بهذا.
(¬8) في الأصل أنهم لم يبنوا صواب ما ذكروه من القول لم يكون موجبًا. . . في (س) أنهم إن لم يبينوا صواب ما ذكروه من القول لم يكن موجبًا والمثبت من (ط) ولعله المناسب للسياق.