كتاب التسعينية (اسم الجزء: 1)

منه، وكقوله: صفاته منه، وقوله وقول غيره من الأئمة: ما وصف الله من نفسه وسمى من نفسه، ولاريب أن هذا يقال في سائر الصفات كالقدرة والحياة والسمع والبصر وغير ذلك، فإن هذه الصفات كلها من الله، أي: مما تدخل في مسمى اسمه.
والثاني: يريدون بقولهم: كلام الله منه: أي خرج منه وتكلم به كقوله تعالى: {كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إلا كَذِبًا} (¬1) وذلك كقوله: {وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي} (¬2) وقوله: {تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ} (¬3).
وهذا اللفظ والمعنى مما (¬4) استفاضت به الآثار، كما قد تقدم روايته (¬5) عن ابن عباس (¬6) أنَّه كان في جنازة، فلما وضع الميت في لحده
¬__________
(¬1) سورة الكهف، الآية: 5.
(¬2) سورة السجدة، الآية: 13.
(¬3) سورة الزمر، الآية: 1.
(¬4) في س: فما.
(¬5) في ط: رواية.
(¬6) أورده البيهقي في الأسماء والصفات ص: 242، قال: "أخبرنا أبو بكر بن الحارث الفقيه أنبأنا أبو محمد بن حيان حدثنا محمد بن العباس ثنا إسحاق بن حاتم العلاف ثنا علي بن عاصم عن عمران بن حدير عن عكرمة قال: حمل ابن عباس رضي الله عنهما جنازة، فلما وضع الميت في قبره قال له رجل: اللهم رب القرآن اغفر له، فقال له ابن عباس رضي الله عنه: مه لا تقل مثل هذا، منه بدأ وإليه يعود".
تابعه أحمد بن منصور الرمادي عن علي بن عاصم وقال في متنه: صلى ابن عباس رضي الله عنهما على جنازة فقال رجل من القوم: اللهم رب القرآن العظيم اغفر له، فقال له ابن عباس رضي الله عنهما: ثكلتك أمك إن القرآن منه.
وقد أخرجه السيوطي في الدر المنثور 5/ 326. وقد تقدم الكلام على هذا الأثر ص: 294، 295.
وسوف يذكر الشيخ -رحمه الله- في الصفحة الآتية أن الطبراني رواه في كتاب =

الصفحة 364